الركوع حتى أتمّوا ستًا وثلاثين، والوتر بثلاث، فاستقرّ الأمر على هذا" اهـ.
ولذا ذهب بعض أهل العلم إلى الزيادة على ثلاثين وعشرين، فروى ابن القاسم في "المدونة" عن الإمام مالك أنها تسع وثلاثون، وهو الأمر القديم الذي أدرك عليه أهل المدينة.
وقال صالح مولى التوأمة: أدركت الناس يقومون بإحدى وأربعين ركعة، يوترون منها بخمس، ذكره صاحب المغني (٢/ ٦٠٤).
وكان الأسود بن يزيد يصلي أربعين ركعة ويوتر بسبع إلى غير ذلك من الأقوال المذكورة في كتب السنة والفقه. (انظر: مختصر كتاب قيام رمضان ص ٤١ - ٤٥).
وكأنّهم رأوا أنّ الأمر فيه سعة؛ لأنه داخل في مطلق النوافل، وليس من السنن الرواتب.
قال الشافعي: "وليس في شيء من هذا ضيق، ولا حدّ ينتهي إليه، لأنه نافلة فإنْ أطالوا القيام وأقلُّوا السجود فحسن -وهو أحبُّ إليَّ-، وإن أكثروا الركوع والسجود فحسن". المعرفة للبيهقي (٤/ ٤٢).
وقال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد بن حنبل: كم من ركعة يصلَّي في قيام شهر رمضان؟ فقال: قد قيل فيه ألوان نحوًا من أربعين إنّما هو تطوّع. مختصر كتاب قيام رمضان (ص ٤٥) إلا أن المختار عند الإمام أحمد عشرون ركعة، كما في المغني (٢/ ٦٠٤).
قلت: وقد يختلف باختلاف المصلين.
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "المجموع" (٢٢/ ٢٧٢): "إن نفس قيام رمضان لم يوقت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه عددًا معينًا، بل كان هو - صلى الله عليه وسلم - لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يطيل الركعات، فلما جمعهم عمر على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة، ثم يوتر بثلاث، وكان يخفف القراءة بقدر ما زاد من الركعات، لأنّ ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة، ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة ويوترون بثلاث، وآخرون قاموا بست وثلاثين، وأوتروا بثلاث. وهذا كلّه سائغ، فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه، فقد أحسن.
والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين، فإن كان فيهم احتمال لطول القيام، فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها، كما كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل" انتهى.
٦ - باب من صلّي مع الإمام حتى ينصرف حُسِبَ له قيام ليلة
• عن أبي ذرّ، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِبَ له قيام ليلة".
صحيح: رواه أبو داود (١٣٧٥)، والترمذي (٨٠٦)، والنسائي (١٣٦٤)، وابن ماجه (١٣٢٧)