وعبد العزيز بن رُفيع لم يدرك أبي بن كعب فإنه مات سنة ثلاثين ومائة أو بعدها، وقد أتى عليه نيّف وتسعون سنة، كما في تهذيب الكمال.
وعليه فتكون ولادته بعد الثلاثين، وأما أُبي بن كعب -رضي الله عنه- فإنه توفي سنة (١٩ هـ) أو (٣٢ هـ).
وأيضًا فإنّ ابن رُفيع إنما يروي عن صغار الصحابة وكبار التابعين.
وروى الضياء المقدسي في المختارة (١١٦١) من طريق أحمد بن منيع، أنا الحسن بن موسي، نا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، أنّ عمر أمر أبيَّا أن يُصلي بالناس في رمضان، فقال: إنّ الناس يصومون النّهار ولا يحسنون أن يقرأوا فلو قرأتَ عليهم بالليل. فقال: يا أمير المؤمنين، هذا شيء لم يكن؟ فقال: قد علمتُ، ولكنه أحسن، فصلّى بهم عشرين ركعة. وفيه أبو العالية وهو رفيع ثقة ولكنه كان يرسل كثيرا، وفيه ربيع بن أنس البكري، صدوق له أوهام وخاصة فيما رواه عنه أبو جعفر الرازي، قال ابن حبان: "الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه لأن في أحاديثه عنه اضطرابا كثيرا".
ومنها ما رواه عبد الرزاق (٧٧٣٣) عن الأسلميّ، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذُباب، عن السائب بن يزيد، قال: "كنا نتصرف من القيام على عهد عمر وقد دنا فروع الفجر، وكان القيام على عهد عمر ثلاثة وعشرين ركعة".
وإسناده واهٍ جدًّا، من أجل الأسلميّ، وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، قال الحافظ: "متروك".
وأمّا الحارث بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن أبي ذباب، فمختلف فيه، فقال أبو حاتم: "يروي عنه الدراوردي أحاديث منكرة، ليس بالقوي". وقال أبو زرعة: "ليس به بأس".
ويظهر من هذه الآثار مع رواية يزيد بن خصيفة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أولًا بإحدى عشرة ركعة، ثم أمر بعد ذلك بإحدى وعشرين ركعة.
قال ابن عبد البر: "يحتمل أن يكون القيام في أول ما عمل به عمر بإحدى عشر ركعة، ثم خفّف عليهم طول القيام، ونقلهم إلى إحدى وعشرين ركعة، يخفّفون فيها القراءة، ويزيدون في الركوع والسجود". الاستذكار (٥/ ١٥٤).
وإلى نحو هذا الجمع جنح البيهقي فقال في "السنن" (٢/ ٤٩٦):
"ويمكن الجمع بين الروايتين، فإنهم كانوا يقومون بإحدى عشرة، ثم كانوا يقومون بعشرين ويوترون بثلاث" اهـ.
وقال عبد الحق الإشبيلي في كتابه "الصلاة والتهجد" (ص ٢٨٧): "ويروى أنّ الناس اشتدّ عليهم طول القيام فشكوا ذلك إلى عمر بن الخطاب، فأمر القارئين أن يخفِّفا من طول القيام ويزيدا في عدد الركوع، فكانا يقومان بثلاث وعشرين ركعة، ثم شكوا فنقصوا من طول القيام زيدوا في