فجملوها فباعوها".
متفق عليه: رواه البخاريّ في البيوع (٢٢٢٣)، ومسلم في المساقاة (١٥٨٢) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، حدّثنا عمرو بن دينار، قال: أخبرني طاوس، أنه سمع ابن عباس يقول: فذكره. واللفظ للبخاري وعند مسلم: "بلغ عمر أن سمرة باع خمرا".
قوله: {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} هو من البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع كالإبل والنعام.
وقوله: {أَوِ الْحَوَايَا} قال ابن جرير: "جمع، واحدها حاوِياءُ وحوية. وهي ما تحَوَّى من البطن. فاجتمع واستدار وهي بنات اللبن. وهي المباعر، وتسمى المرابض وفيها الأمعاء".
وبنات اللبن: هو ما صغر من الأمعاء.
والمباعر جمع مبعر. وهو مكان البعر من كل ذي أربع.
وقوله: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ} أي هذا التحريم كان بسبب بغيهم وعدوانهم كما قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} [سورة النساء: ١٦٠].
وأما قوله تعالى في سورة آل عمران: [٩٣] {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ. . .}.
فكان سببه أن إسرائيل (وهو يعقوب عليه السلام) كان يشتكي بمرض، نحرم على نفسه بعض الأطعمة.
وروي عن ابن عباس أنه حرّم على نفسه العروق. وقيل: أنه حرّم على نفسه لحم الإبل، فحرمه أبناءه وأتباعه من غير تحريم اللَّه ذلك عليهم من وحي، أو على لسان رسول من رسله، وزادوا في تحريمهم ما شاءوا، وذلك قبل أن ينزل اللَّه التوراة. فلما أنزل اللَّه التوراة، حرم عليهم أشياء كانت حلالا ولكنهم حرموها، فحرمها اللَّه تعالى عليهم لبغيهم عقوبة لهم.
وقوله: {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} أي في خبرنا هذا عن هؤلاء اليهود، بينما هم كاذبون في زعمهم، أن هذه الأشياء، إنما حرّمها إسرائيل إياها على نفسه؛ لأن الصحيح أن إسرائيل لم يحرم على نفسه إلّا بعض الأطعمة كما سبق.
٣٠ - باب قوله: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١)}
• عن عبادة بن الصّامت: -وكان شهد بدرًا، وهو أحد النقباء ليلة العقبة- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال وحوله عصابة من أصحابه: "بايعوني على أن لا تشركوا باللَّه شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم