قال الخطّابي: ومعنى قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} وتمثُّله به في هذا الموضع هو أنّه لو شاء أن ينزل ذكر بيان أفعال الصلاة وأقوالها وهيئاتها حتَّى يكون قرآنًا متلوًّا لفعل، ولم يترك ذلك عن نسيان، لكنَّه وكل الأمر في بيان ذلك إلى رسوله، ثمَّ أمر بالاقتداء به، والانتماء بفعله، وذلك معنى قوله:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]" انتهى. "أعلام الحديث" (١/ ٥٠٢)، وانظر أيضًا "الفتح" (٢/ ١٥٤).
[٢٨ - باب ما جاء في تكرار قراءة سورة واحدة في كل ركعتين]
• عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم: بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "سلوه لأي شيْء يصنعُ ذلك"؟ فسألوه فقال: لأنّها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أخبروه أن الله يحبه".
متفق عليه: أخرجه البخاري في التوحيد (٧٣٧٥)، ومسلم في صلاة المسافرين (٨١٣) كلاهما من طريق عبد الله بن وهب، ثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، أن أبا الرجال محمد بن عبد الرحمن حدثه، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن، وكانت في حَجْر عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة فذكرت الحديث.
• عن أنس بن مالك قال: كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء. فكان كلما افتتح سورةً يقرأ لهم في الصلاة فقرأ بها، افتتح بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حتى يفرغ منها، ثم يقرأ بسورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة. فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تقرأ بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بسورة أخرى، فإما أن تقرأ بها، وإما أن تدعها وتقرأ بسورة أخرى، قال: ما أنا بتاركها، إن أَحببتم أن أؤمكم بها فعلتُ، وإن كرهُتم تركتكم. وكانوا يرونه أفضلَهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبروه الخبر، فقال: "يا فلان! ما يمنعك مما يأمر به أصحابك، وما يحملك أن تقرأ هذه السورة في كل ركعة؟ ".
فقال: يا رسول الله! إني أحبها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن حُبَّها أدخلك الجنة". صحيح: أخرجه الترمذي (٢٩٠١) عن محمد بن إسماعيل (البخاري) حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك فذكر الحديث.
قال الترمذي: حسن غريب صحيح من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن عمر، عن ثابت.