قوله: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ} أي القول القبيح إلّا من ظُلم، فيجوز للمظلوم أن يخبر عن ظلم الظالم وأن يدعو عليه.
وروي عن عائشة قالت: "سُرقتْ ملحفة لها، فجعلت تدعو على من سرقها، فجعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا تُسبِّخي عنه".
قال أبو داود: "لا تُسبِّخي عنه" أي لا تُخففي عنه.
رواه أبو داود (١٤٩٧)، وأحمد (١٤١٨٣) كلاهما من حديث الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن عائشة فذكرته.
قال يحيى القطان: "حديث حبيب، عن عطاء ليس بمحفوظ". نقله العقيلي في الضعفاء. وذكر منها هذا الحديث.
ورواه سفيان، عن حبيب واختلف عليه. فرواه وكيع عنه كما عند أحمد (٢٥٠٥٢)، ويحيى كما عند النسائي في الكبرى (٧٣١٨) كلاهما عن سفيان، عن حبيب بن أبى ثابت، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة موصولا.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عنه مرسلا رواه النسائي في الكبرى (٧٣١٩)، والموصول أصح.
٧٢ - باب قوله: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (١٥٩)}
قوله: أي قبل موت عيسى عليه السلام. وذلك عند نزوله من السماء في آخر الزمان. وقد جاء في الصحيح:
• عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "والذي نفسي بيده، ليوشِكنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد".
متفق عليه: رواه البخاريّ في البيوع (٢٢٢٢)، ومسلم في الإيمان (١٥٥)، كلاهما عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا الليث، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول: فذكره.
وفي رواية: ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}.
وفي رواية: "أنه يمكث في الأرض أربعين سنة، تم يتوفى ويصلي عليه المسلمون" فتصير الملل كلها واحدة، وهي ملة الإسلام الحنيفية، دين إبراهيم عليه السلام.
وقيل: الضمير في قوله: {قَبْلَ مَوْتِهِ} راجعة إلى الكتابي. ومعناه وما من أهل الكتاب أحد إلّا ليؤمننّ بعيسى عليه السلام قبل موته. والأول أصح.