قد اعتبرت أحاديثه فإذا هو يجيء بالعجب، ولكن وثقه ابن معين. وقال النسائي: لا بأس به.
وروي عن ابن إسحاق، أنَّه قال: وكانت أوَّل خطبة خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن -ونعوذ بالله أن نقول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل -أنَّه قام فيهم خطيبًا، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثمَّ قال:"أمَّا بعد، أيها الناس! فقدِّموا لأنفسكم تعلمُنَّ والله ليصعقنَّ أحدكم، ثمَّ ليدعنَّ غنمَه ليس لها راع، ثمَّ ليقولنَّ له ربُّه وليس له ترجمان، ولا حاجب يحجبه دونه: ألم يأتك رسولي، فبلَّغك، وآتيتك مالًا، وأفضلتُ عليك؟ فما قدَّمت لنفسك؟ فلينظرنَّ يمينًا وشمالًا فلا يرى شيئًا، ثمَّ لينظرنَّ قُدَّامه فلا يرى غير جهنَّم، فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشقِّ تمرةٍ فليفعلْ، ومن لم يجد، فبكلمة طيِّبة، فإنَّ بها تُجزى الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضِعف، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
وابن إسحاق رأى أبا سلمة بن عبد الرحمن، ولم يرو عنه؛ ولذا رواه بلاغًا، وأبو سلمة بن عبد الرحمن لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الحديث ذكره ابن هشام في "السيرة النبوية"(١/ ٥٠٠، ٥٠١). ثمَّ قال ابن إسحاق: ثمَّ خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة أخرى، فقال:"إنَّ الحمد لله، أحمده، وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلَّا الله، وحده لا شريك له، إنَّ أحسن الحديث كتاب الله، قد أفلح من زيَّنه الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، فاختاره على ما سواه من أحاديث الناس، إنَّه أحسن الحديث، وأبلغه، أحبُّوا ما أحبَّ الله، أحبُّوا الله من كل قلوبكم، ولا تملُّوا كلام الله وذكره، ولا تقس عنه قلوبكم، فإنَّه من كلِّ ما يخلق الله يختار ويصطفي، قد سمَّاه الله خيرته من الأعمال، ومصطفاه من العباد، والصالح من الحديث، ومن كل ما أوتي الناس من الحلال والحرام، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، واتَّقوه حقَّ تقاته، واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابوا بروح الله بينكم، إن الله يغضب أن يُنكث عهده، والسلام عليكم".
وفي الباب ما روي عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يخطب يوم الجمعة قائما، ثم يقعد، ثم يقوم فيخطب.
رواه أحمد (٢٣٢٢) والبزار "كشف الأستار"(٦٤٠) وأبو يعلى (٢٦٢٠) والطبراني في الكبير (١٢٠٩٠) كلهم من طريق الحجاج، عن مقسم، عن ابن عباس، فذكره.
والحجاج هو: ابن أرطاة مدلس، كان يدلس عن الضعفاء.
[٢ - باب اتخاذ المنابر في المساجد للخطب]
• عن أبي حازم بن دينار، أنَّ رجالًا أتوا سهل بنَ سعدٍ الساعدي وقد امتروا في المنبر مِمَّ عوده؟ فسألوه عن ذلك؟ فقال: والله! إنِّي لأعرف مما هو، ولقد رأيته