وفي معناه ما روي عن ابن عباس قال:"لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلّل والمحلَّل له" رواه ابن ماجه (١٩٣٤) عن محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عامر، عن زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وزمعة بن صالح ضعيف باتفاق أهل العلم، ضعّفه الإمام أحمد وابن معين وأبو داود وأبو حاتم والنسائي وغيرهم. وقال ابن حبان: كان رجلًا صالحًا يهم ولا يعلم، ويُخطئ ولا يفهم، حتى غلب في حديثه المناكير التي يرويها عن المشاهير. وبه أعله أيضا البوصيري.
وأما شيخه سلمة بن وهرام فهو مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وأما ما روي عن علي قال:"لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة: آكلَ الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، والمحل والمحلل له، ومانع الصدقة، والواشمة والمستوشمة" فهو ضعيف.
انظر تخريجه في كتاب البيوع، وكذلك لا يصح حديث جابر.
قال الترمذي:"حديث علي وجابر حديث معلول هكذا رواه أشعث بن عبد الرحمن، عن مجالد، عن عامر الشعبي، عن الحارث، عن علي، وعامر عن جابر بن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا حديث ليس إسناده بالقائم. لأن مجالد بن سعيد قد ضعَّفه بعضُ أهل العلم، منهم أحمد بن حنبل. وروى عبد الله بن نُمير هذا الحديث عن مجالد، عن عامر، عن جابر بن عبد الله، عن علي. وهذا قد وهم فيه ابنُ نمير، والحديث الأول أصح، وقد رواه مغيرة، وابن أبي خالد وغير واحد عن الشعبي، عن الحارث، عن علي". انتهى.
قلت: وأما حديث علي بن أبي طالب فرواه أبو داود (٢٠٧٦) والترمذي (١١١٩) والنسائي (٨/ ١٤٧) وابن ماجة (١٩٣٥) وأحمد (٦٣٥) كلهم عن الشعبي، عن الحارث، عن علي فذكر الحديث. ذكر بعضهم مطولًا، وبعضهم مختصرًا. والحارث هو الأعور وهو ضعبف باتفاق أهل العلم.
قوله: والمحلّ: من الإحلال، والمحلَّل له: من التحليل، وهما بمعني، ولذا روي المُحِلّ والمُحَلّ له بلام واحد مشددة، والمحلل والمحلل له، بلامين أولهما مشددة، ثم المحلل من تزوج مطلقة الغير ثلاثا لتُحِل له، والمحلل له: هو المُطَلِّق، وإنما لعن، لأنه هتكُ مروءةٍ وقلةُ حميةٍ، وخِسَّة نفسٍ، وهو بالنسبة إلى المحلل له ظاهر، وأما المحلِّل فإنه كالتيس يُعير نفسه بالوطء لغرض الغير، وتسميته محلِّلا عند من يقول بصحة نكاحه ظاهرة، ومن لا يقول بها، لأنه قصد التحليل وإن كانت لا تحل، والله تعالى أعلم. قاله السندي.
[٢٨ - باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث]
وعن ابن عباس قال:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}[البقرة: ٢٢٨] وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثا، فنسخ ذلك فقال:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}[البقرة: ٢٢٩]ـ