للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لبيك بحج وعمرة" ولا تنكر الزيادات في الأخبار كما لا تنكر في الشهادات، وإنما كان يختلف ويتناقض لو كان الزائد نافيًا لقول صاحبه، فأما إذا كان مثبتًا له وزائدًا عليه فليس فيه تناقض ولا تدافع.

وقد يحتمل أيضًا: أن يكون الراوي سمع ذلك يقوله على سبيل التعليم لغيره فيقول له: لبيك بحجة وعمرة يلقنه ذلك، وأما من روى أنه تمتع بالعمرة إلى الحج فإنه قد أثبت ما حكته عائشة من إحرامه بالحج، وأثبت ما رواه أنس من العمرة والحج إلا أنه أفاد الزيادة في البيان والتمييز بين الفعلين بإيقاعهما في زمانين وهو ما روته حفصة، روى عنها عبد الله بن عمر أنها قالت: يا رسول الله، ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: إني لبّدت رأسي وقلّدت هديي فلا أحل حتى أنحر. فثبت أنه كان هناك عمرة إلا أنه أدخل عليها الحج قبل أن يقضي شيئًا من عمل العمرة فصار في حكم القارن.

وهذه الروايات على اختلافها في الظاهر ليس فيها تكاذب ولا تهاتر، والتوفيق بينهما ممكن وهو سهل الخروج غير متعذّر، والحمد لله.

ووجه آخر للجمع بين قول من قال: أفرد بالحج وبين من قول من قال: أهل بالحج والعمرة أي أنه لم يُهل بالعمرة استقلالًا من أجل أنه ساق الهدي، بخلاف من لم يسق الهدي فقدم عمرة استقلالًا، ثم أهلّ بالحجّ، فجمع بين الحج والعمرة.

أو يقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - أولا كان مفردًا ثم صار قارنًا، ومن قال: إنه كان متمتعًا فقصد به أنه طاف وسعي كما يفعله المعتمر غير أن لم يحل، بل بقي محرمًا حتى نحر الهدي فشبه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتمتع من بعض الوجوه لا من كل الوجوه.

[٢٠ - باب جواز القران بدون سوق الهدي من الميقات]

• عن الصُّبَيِّ بْنُ مَعْبَدٍ قال: كُنْتُ رَجُلا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ، فَأَتَيْتُ رَجُلا مِنْ عَشِيرَتِي يُقَالُ لَهُ هُذَيْمُ بْنُ ثُرْمُلَةَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا هَنَاهْ! إِنِّي حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ فَكَيْفَ لِي بِأَنْ أَجْمَعَهُمَا؟ قَالَ: اجْمَعْهُمَا وَاذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا مَعًا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ -وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا- فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: مَا هَذَا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ، قَالَ: فَكَأَنَّمَا أُلْقِيَ عَلَيَّ جَبَلٌ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِنِّي كُنْتُ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا، وَإِنِّي أَسْلَمْتُ وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ، فَأَتَيْتُ رَجُلا مِنْ قَوْمِي، فَقَالَ لِي: اجْمَعْهُمَا وَاذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وَإِنِّي أَهْلَلْتَ بِهِمَا مَعًا، فَقَالَ لِي عُمَرُ رَضِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>