للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورواه أبو داود (٣٢٨٥) ومن طريقه البيهقي (١٠/ ٤٧ - ٤٨) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكر نحوه. قال أبو داود: "وقد أسند هذا الحديث غير واحد عن شريك، عن عكرمة، عن ابن عباس أسنده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الوليد بن مسلم عن شريك: ثم لم يغزهم".

وشريك سيء الحفظ ومدار الحديث عليه، والمرسل أصح منه، وهو الذي رجحه أيضا أبو حاتم كما في العلل (١/ ٤٤٠) وابن المنذر في الأوسط (١٢/ ١٦٠) ثم هذا الحديث لا يصح من حيث المعنى، فإن الوليد بن مسلم نقل عن شريك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يغزهم - أي بعد الحلف، فإن كان حلقه قبل فتح مكة فإنه قد غزاهم، وإن كان بعد فتح مكة فلماذا يحلف على غزوهم وقد دخلوا في الإسلام. كما لا يصح أيضا من حيث الفقه.

قال الخطابي - بعد أن نقل قول ابن عباس: له استثناؤه بعد حين - "وعامة أهل العلم على خلاف قول ابن عباس وأصحابه. ولو كان الأمر على ما ذهبوا إليه لكان للحالف المخرج من يمينه حتى لا يلزمه كفارة بحال. وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه".

لم يختلف العلماء في أن الاستثناء إذا كان متصلا بيمنيه، فإنه لا يلزمه كفارة.

واختلفوا في الاستثناء إذا كان منفصلا عن اليمين فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يعمل إلا أن يكون بين اليمين والاستثناء سكته يسيرة، كسكتة الرجل للتذكر، أو للتنفس، فإن طال الفصل، أو اشتغل بكلام آخر بينها ثم استثنى فلا يصح.

لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف فاستثني" يقتضي كونه عقيبه، ولأن الاستثناء من تمام الكلام فاعتبر اتصاله به كالشرط وجوابه.

وقد رُوي عن ابن عباس أنه أجاز الاستثناء ولو بعد حين، وذهب أصحابه إلى جواز الاستثناء إلى السنين.

ورُوي عن الإمام أحمد: أنه يجوز الاستثناء إذا لم يُطل الفصل بينهما.

وفي رواية أخرى عنه: ولم يخلط كلامه بغيره نقل عنه إسماعيل بن سعيد مثل هذا. وزاد قال:

ولا أقول بقول هؤلاء - يعني من لم ير ذلك إلا متصلا. ذكره ابن قدامة في المغني (١٣/ ٤٨٥).

[٣٣ - باب ما جاء في كفارة اليمين]

قال الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: ٨٩].

وقوله: "تحرير رقبة" هكذا أطلقه الله تعالى ولم يقيده بالمؤمنة. فقال أبو حنيفة وأصحابه:

<<  <  ج: ص:  >  >>