إن القضاء سوى الذي قضيت، فقال: كيف؟ قال سليمان: إن الحرث لا يخفى على صاحبه ما يخرج منه في كل عام، فله من صاحب الغنم أن يبيع من أولادها وأصوافها وأشعارها حتى يستوفى ثمن الحرث، فإن الغنم لها نسل في كل عام.
فقال داود: قد أصبت، القضاء كما قضيت ففهمها الله سليمان.
روي عن ابن مسعود، في قوله:{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} قال: "كرم قد أنبتت عناقيده، فأفسدته، قال: فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم، فقال سليمان: غير هذا يا نبيّ الله، قال: وما ذاك؟ قال: يدفع الكرم إلى صاحب الغنم، فيقوم عليه حتى يعود كما كان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم، فيصيب منها، حتى إذا كان الكرم كما كان دفعت الكرم إلى صاحبه، ودفعت الغنم إلى صاحبها، فذلك قوله:{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}.
رواه ابن جرير (١٦/ ٣٢٢)، والحاكم (٢/ ٥٨٨) كلاهما من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن أشعث، عن أبي إسحاق، عن مرّة، عن ابن مسعود، فذكره.
وفي الإسناد أشعث وهو ابن سوار الكندي، وهو ضعيف.
ومن جملة ما فُهِّم سليمانُ قصة المرأتين كما جاء في الصحيح:
• عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب، فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك أنت. وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك. فتحاكمتا إلى داود فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام، فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما. فقالت الصغرى: لا، يرحمك الله، هو ابنها، فقضى به للصغرى".
قال: قال أبو هريرة: والله إن سمعت بالسكين قط إلا يومئذ، ما كنا نقول إلا المدية.
متفق عليه: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٤٢٧)، ومسلم في الأقضية (٢٠: ١٧٢٠) كلاهما من طرق عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره. واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري نحوه.