وختم عليه، ودفعه إلى جارية له، ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية، فكتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لمحمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام، أما بعد: فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين، لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وبغلة لتركبها، والسلام عليك.
ودفع الكتاب إلى حاطب، وأمر له بمائة دينار، وخمسة أثواب، وقال له: ارجع إلى صاحبك، ولا تسمع منك القبط حرفا واحدًا، فإن القبط لا يطاوعوني في اتباعه، وأنا أضن بملكي أن أفارقه، وسيظهر صاحبك على البلاد، وينزل بساحتنا هذه أصحابه من بعده، فارحل من عندي. قال: فرحلت من عنده، ولم أقم عنده إلا خمسة أيام، فلما قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذكرت له ما قاله لي، فقال: "ضن الخبيث بملكه، ولا بقاء لملكه". وفي بعض فقراته غرابة.
[٥ - باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بني زهير بن أقيش حي من عكل]
• عن يزيد بن عبد الله قال: كنا بالمربد فجاء رجل أشعث الرأس بيده قطعة أديم أحمر فقلنا كأنك من أهل البادية. فقال: أجل. قلنا: ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك فناولناها فقرأناها فإذا فيها:
"من محمد رسول الله إلى بنى زهير بن أقيش إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأديتم الخمس من المغنم وسهم النبى - صلى الله عليه وسلم - وسهم الصفي أنتم آمنون بأمان الله ورسوله".
فقلنا من كتب لك هذا الكتاب؟ قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
صحيح: رواه أبو داود (٢٩٩٩)، وأحمد (٢٠٧٤٠)، وصحّحه ابن حبان (٦٥٥٧) من طرق عن قرة بن خالد، سمعت يزيد بن عبد الله فذكره. واللفظ لأبي داود. وإسناده صحيح.
[٦ - باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بكر بن وائل]
• عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى بكر بن وائل: "من محمد رسول الله إلى بكر بن وائل، أسلموا تسلموا".
فما وجدنا من يقرؤه إلا رجل من بني ضبيعة، فهم يُسَمون بني الكاتب.
حسن: رواه البزار - كشف الأستار (١٦٧٠)، وأبو يعلى (٢٩٤٧) وصححه ابن حبان (٦٥٥٨) كلهم من طريق نصر بن علي، حدثنا نوح بن قيس، عن أخيه خالد بن قيس، عن قتادة، عن أنس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل نوح بن قيس، وأخيه خالد؛ فإنهما حسنا الحديث.