والعلة الثانية: كونه روي عن الثوريّ، عن أبي إسحاق، عن مجاهد مرسلًا. فلا يضر من رواه موصولًا من وجه آخر، وهو ما سبق؛ وعدم العلم ليس بعلم كما يقال.
قال ابن خزيمة بعد ذكر الحديث من طريق زيد بن الحباب، عن الثوريّ: "ذكر الدليل على صحة هذا المتن، والبيان أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد حجّ قبل هجرته إلى المدينة، لا كما من طعن في الخبر، وادَّعى أنّ هذا الخبر لم يروه غير زيد بن الحباب".
ثم أخرج حديث جبير بن مطعم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن ينزل عليه، وإنه لواقف على بعير له بعرفات مع الناس يدفع معهم منها". وسبق تخريجه في الوقوف بعرفات.
١٣٥ - باب مكان نزول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مكة بعد رجوعه من منى
• عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٥٨٩)، ومسلم في الحجّ (١٣١٤) كلاهما من حديث ابن شهاب الزهريّ، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، فذكره، واللفظ لمسلم.
وزاد البخاري في أول الحديث: "حين أراد قدوم مكة، أي حين رجوعه من منى".
جاء التصريح بذلك في الرواية التي بعدها (١٥٩٠)، وفيه: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الغد يوم النحر وهو بمنى: "نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر" يعني بذلك المحصب.
والخيف: هو ما ارتفع عن مجرى السيل، وانحدر عن غلظ الجبل، ومسجد مني يسمي مسجد الخيف؛ لأنه في سفح جبلها. النهاية (٢/ ٩٣).
• عن أسامة بن زيد، قال: قلت: يا رسول الله، أين ننزل غدًا؟ في حجته. فقال: "وهل ترك لنا عقيل منزلا". ثم قال: "نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة، المحصّب حيث قاسمت قريش على الكفر".
وذلك أن بني كنانة حالفت قريشًا على بني هاشم: ألا يبايعوهم ولا يؤووهم. قال الزهري: والخيف: الوادي.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد (٣٠٥٨)، ومسلم في الحج (١٣٥١: ٤٤٠) كلاهما من طريق عبد الرزاق -وهو في مصنفه (٩٨٥١) - قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان بن عفان، عن أسامة بن زيد، فذكره. واللفظ للبخاري، واختصره مسلم.
وفي رواية عندهما (البخاري (٤٢٨٢)، ومسلم) كلاهما من حديث محمد بن أبي حفصة، وزمعة بن صالح، قالا: حدثنا ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة