قالوا: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطبة بن عامر بن حديدة في عشرين رجلا إلى حي من خثعم بناحية تبالة، وأمره أن يشن الغارة عليهم، فخرجوا على عشرة أبعرة يتعقبونها، فأخذوا رجلا، فسألوه فاستعجم عليهم، فجعل يصيح بالحاضر ويحذرهم فضربوا عنقه، ثم أمهلوا حتى نام الحاضر فشنوا عليهم الغارة، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعا، وقتل قطبة بن عامر من قتل، وساقوا النعم والشاء والنساء إلى المدينة، وجاء سيل أَتِيٌّ، فحال بينهم وبينه فما يجدون إليه سبيلا، وكانت سهمانهم أربعة أبعرة أربعة أبعرة، والبعير يعدل بعشر من الغنم، بعد أن أخرج الخمس. الطبقات الكبرى (٢/ ١٦٢).
[٣ - سرية إلى رعية السحيمي]
روي عن رعية السحيمي قال: كتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أديم أحمر، فأخذ كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرقع به دلوه، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية، فلم يدعوا له رائحة ولا سارحة ولا أهلا ولا مالا إلا أخذوه، وانفلت عريانا على فرس له، ليس عليه قشرة حتى ينتهي إلى ابنته، وهي متزوجة في بني هلال، وقد أسلمت وأسلم أهلها، وكان مجلس القوم بفناء بيتها، فدار حتى دخل عليها من وراء البيت، قال: فلما رأته ألقت عليه ثوبا. قالت: ما لك؟ قال: كل الشر نزل بأبيك، ما ترك له رائحة ولا سارحة ولا أهل ولا مال إلا وقد أخذ. قالت: دعيت إلى الإسلام. قال: أين بعلك؟ قالت: في الإبل. قال: فأتاه، فقال: ما لك؟ قال: كل الشر قد نزل به، ما تركت له رائحة ولا سارحة ولا أهل ولا مال إلا وقد أخذ، وأنا أريد محمدًا أبادره قبل أن يقسم أهلي ومالي. قال: فخذ راحلتي برحلها. قال: لا حاجة لي فيها. قال: فأخذ قعود الراعي، وزوده إداوة من ماء.
قال: وعليه ثوب إذا غطى به وجهه خرجت أسته، وإذا غطى استه خرج وجهه، وهو يكره أن يعرف، حتى انتهى إلى المدينة، فعقل راحلته، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان بحذائه حيث يقبل، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر قال: يا رسول الله، ابسط يديك فلأبايعك، قال: فبسطها، فلما أراد أن يضرب عليها قبضها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: ففعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ثلاثا، قبضها إليه ويفعله، فلما كانت الثالثة قال:"من أنت؟ " قال: رعية السحيمي، قال: فتناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عضده، ثم رفعه، ثم قال:"يا معشر المسلمين هذا رعية السحيمي الذي كتبت إليه، فأخذ كتابي فرقع به دلوه" فأخذ يتضرع إليه، قلت: يا رسول الله أهلي ومالي. قال:"أما مالك فقد قسم، وأما أهلك فمن قدرت عليه منهم" فخرج فإذا ابنه قد عرف الراحلة وهو قائم عندها، فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هذا ابني. فقال:"يا بلال، اخرج معه فسله أبوك هذا؟ فإن قال: نعم فادفعه إليه" فخرج بلال إليه، فقال: أبوك هذا؟ قال: نعم. فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ما رأيت أحدا استعبر إلى صاحبه. فقال:"ذاك جفاء الأعراب".