٥ - باب قوله: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٧)}
هذه الآية نزلت في شخص كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تعرفه، ولكنها لم تخبر عنه، ولما قال مروان بن الحكم بأنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق كذَّبته عائشة في ذلك وأنكرته عليه، كما جاء في الصحيح.
• عن يوسف بن ماهك قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية، لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا، فقال: خذوه. فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه، فقال مروان إن هذا الذي أنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي}. فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري.
صحيح: رواه البخاري في التفسير (٤٨٢٧) عن موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، قال: فذكره.
والصحيح أن هذه الآية نزلت في كافر عاق لوالديه يدل عليه قوله تعالى بعده: أي وجب عليهم العذاب، وعبد الرحمن بن أبي بكر مؤمن من أفاضل المسلمين، فلا يكون ممن حقت عليه كلمة العذاب.
٦ - باب قوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤)}
قوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} أي: معترضا كالسحاب، قد أقبل على أوديتهم التي تسيل عليهم وترويهم، فظنوه سحابا ممطرا، فإذا هو عذاب أليم، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى الغيم عرف في وجهه الكراهية مخافة أن يكون فيه عذاب، كما جاء في الصحيح.
• عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكا حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم.
قالت: وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه. قالت: يا رسول الله! إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا، رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية. فقال: "يا عائشة! ما يؤمني أن يكون فيه عذاب؟ عُذِّبَ قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ".
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٨٢٨، ٤٨٢٩) - واللفظ له -، ومسلم في الكسوف (٨٩٩: ١٦)