يكره ذلك إن شاء الله؛ لأنّ الصّوم جنّة وفضله معلوم يدع طعامه وشرابه لله وهو عمل بر وخير، وقد قال تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: ٧٧] ومالك لا يجهل شيئًا من هذا، ولم يكره ذلك إلّا ما خافه على أهل الجهالة والجفاء إذا استمر ذلك، وخشي أن يُعدّ من فرائض الصيام مضافًا إلى رمضان". انظر أيضًا: الاستذكار (١٠/ ٢٥٩).
ونهاية كلام ابن عبد البر: "وقد يمكن أن يكون جهل الحديث، ولو علمه لقال به. والله أعلم".
قلت: صدق الشافعي رحمه الله تعالى حين قال: "ما من حديثٍ صحيحٍ إلا وقد حُفِظَ، ليس عند شخص واحد، ولكن عند أفراد الأمة".
والإمام مالك إمام دار الهجرة لم يعلم بحديث أبي أيوب في فضل صيام الست من شوال مع أنه حديث مدني، فكيف بغيره؟ .
١٩ - باب ما رُوي في صوم شوال كلّه
وفي الباب ما رُوي عن مسلم القرشي قال: سألت أو سئل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن صيام الدّهر، فقال: "إنّ لأهلك عليك حقًّا، صم رمضان، والذي يليه، وكلّ أربعاء وخميس، فإذا أنت قد صمت الدّهر".
رواه أبو داود (٢٤٣٢)، والترمذي (٧٤٨) كلاهما من حديث عبد الله بن موسى، عن هارون بن سلمان، عن عبيدالله بن مسلم القرشيّ، عن أبيه، فذكر الحديث.
وفيه عبيدالله بن مسلم القرشيّ، وقيل: مسلم بن عبد الله وهو الأشهر.
وهو الذي رجّحه البغوي وغير واحد، ولم يرو عنه سوى هارون بن سلمان الفراء، ولم يوثقه غير ابن حبان، فهو في عداد المجهولين؛ ولذا استغربه الترمذيّ أي ضعّفه.
[٢٠ - باب الترغيب في صيام يوم عرفة لغير الحاج]
• عن أبي قتادة الأنصاريّ، قال: وسئل (يعني النبيّ - صلى الله عليه وسلم -) عن صوم يوم عرفة؟ فقال: "يكفِّر السنة الماضية والباقية".
صحيح: رواه مسلم في الصيام (١١٦٢) من طريق غيلان بن جرير، سمع عبد الله بن معبد الزّمَّاني، عن أبي قتادة، فذكره. وهو جزء من حديث طويل سبق ذكره بتمامه.
وفي لفظ: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده".
• عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صام يوم عرفة، غفر له سنتين متتابعتين".
حسن: رواه أبو يعلى (٧٥٤٨) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدّثنا معاوية بن هشام، عن أبي حفص الطّائفي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، فذكره. وهو في مصنف أبي بكر بن أبي شيبة (٣/ ٩٧)