وصحّحه من كلا الطريقين.
وكذا أخرجه ابن جرير (٨/ ٦٦٧)، وابن أبي حاتم (٤/ ١٢٠١)، وصحّحه ابن حبان (٥٣٥٠، ٥٣٥١) كلهم من طريق شعبة به.
ولكن رواه أبو يعلى (١٧١٩، ١٧٢٠) بإسنادين صحيحين عن شعبة، وزاد في آخره: قال شعبة: قلت: أسمعته من البراء. قال: لا.
فتبيّن أن بين أبي إسحاق والبراء واسطة ولم تعرف.
وفيه دلالة على أن أبا إسحاق دلّس في هذا السند، هذا هو التدليس القادح.
٢٨ - باب قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٤) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٩٥)}
قوله: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} مثل الفرخ والبيض، وكذا ما لا يقدر من الفرار من صغار الصيد.
وقوله: {وَرِمَاحُكُمْ} يعني الكبار من الصيد.
وقوله: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} أي ذاكرا لإحرامه بخلاف المخطئ والناسي، فلا كفارة عليه.
قال سعيد بن جبير: "لا تجب كفارة الصيد بقتل الخطأ، بل يختص بالعمد".
ولكن ذهب أكثر الفقهاء إلى أنّ العمد والخطأ سواء في لزوم الكفارة.
وقوله: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} النعم هي البدنة والبقرة والشاة.
وأراد من النعم ما يقرب من الصيد المقتول شبها من حيث الخلقة، لا من حيث القيمة. ومثاله: حكموا في النعامة ببدنة، وهي لا تساوي بدنة، وفي الحمار الوحشي ببقرة، وهي لا تساوي بقرة، وفي الضبع بكبش، وهي لا تساوي كبشا، وفي الحمام شاة، . وهي لا تساوي شاة، وفي الغزال بعنز وهي لا تساوي عنزة. . . هكذا في بقية الصيد.
وقوله: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} أي أن المحرم في جزاء الصيد مخير بين أن يذبح المثل من النعم، فيتصدق بلحمه على مساكين الحرم، وبين أن يقوم المثل دراهم، والدراهم طعاما فيتصدق بالطعام على مساكين الحرم، أو يصوم عن كل مد من الطعام يومًا، وله أن يصوم حيث شاء، لأنه لا نفع فيه للمساكين.