رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قام ليلة بمكة من اللّيل فقال:"اللهمّ هل بلّغت؟ " ثلاث مرّات. فقام عمر بن الخطاب فقال: اللهم نعم، فحرصت ونصحت وجهدت. فأصبح فقال:"ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه، وليخاض البحار بالإسلام، وليأتين على النّاس زمان يتعلّمون فيه القرآن، فيعلّمونه ويقرؤونه، ثم يقولون: قد قرأنا وعلّمنا، فمن ذا الذي هو خير منا، فهل في أولئك من خير؟ قالوا: لا يا رسول اللَّه! ومن أولئك؟ قال: "أولئك منكم، وأولئك وقود النّار".
فجعل الحديث من مسند أمّ عبد اللَّه بن عباس وهي زوجة عباس بن عبد المطلب، ولعلّ هذا الخلط يعود إلى هند بنت الحارث فإنّها لم يوثقها أحد، وإنما ذكرها ابن حبان في الثقات (٥/ ٥١٧). وقال الحافظ في التقريب: "مقبولة". أي عند المتابعة. وإني لم أجد لها متابعًا في مسند أم عبد اللَّه بن عباس، وإن كانت هي توبع في مسند عمر بن الخطاب، ولكن مخرجه يختلف عن مخرج حديث أمّ ابن عباس.
وأمّا قول الهيثمي في "المجمع" (١/ ١٨٩): "رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات إلّا أنّ هند بنت الحارث الخثعمية التابعية لم أرّ من وثّقها ولا جرّحها". فكأنّه خفى عليه ترجمتها في "الثقات" وإلّا فكتاب "الثقات" عمدة للهيثمي في توثيق الرجال.
والخلاصة: أن الحديث حسن بضم بعضه إلى بعض، وقد حضنه أيضًا الحافظ المنذريّ في "الترغيب والترهيب" (٢٣١).
٧ - باب الترهيب من الكذب على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-
• عن علي بن أبي طالب، قال: قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تكذبوا عليَّ، فإنّه مَنْ كذب عليَّ فلْيلج النّار".
صحيح: رواه البخاريّ في العلم (١٠٦)، ومسلم في المقدمة (١) كلاهما من طرق عن شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، أنّه سمع عليًّا، فذكره. واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم مثله إلّا في قوله: "فليلج النّار". فعند مسلم: "يلج النار".
• عن أبي هريرة، عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تَسمُّوا باسْمي ولا تكتنوا بكنيتي، ومن رآني في المنام فقد رآني، فإنّ الشّيطان لا يتمثّل في صورتي، ومن كذب عليَّ متعمِّدًا فليتبوّأ مقعده من النّار".
صحيح: رواه البخاريّ في العلم (١١٠)، ومسلم في المقدمة (٣) كلاهما من طريق أبي عوانة، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكر الحديث. واللّفظ للبخاريّ أمّا مسلم فاكتفى بالجملة الأخيرة فقط.
• عن أنس، قال: إنَّه ليمنعني أن أُحدِّثكم حديثًا كثيرًا أنّ النّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من