للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٩ - تفسير سورة التوبة وهي مدينة، وعدد آياتها ١٢٩]

وهي من أواخر ما نزل من القرآن كما سيأتي في حديث البراء.

وقال ابن عباس: "التوبة هي الفاضحة".

ومما لا خلاف فيه أن البسملة لا تكتب قبل سورة التوبة، وأما ما روي فيه قول ابن عباس لعثمان بن عفان رضي اللَّه عنه: "ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة، وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوأ بينهما سطر بسم اللَّه الرحمن الرحيم، ووضعتموها في السبع الطول، ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو يُنزَل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب، فيقول: "ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا". وإذا نزلت عليه الآية، فيقول: "ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا". وكانت الأنفال من أوائل ما أنزلت بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها فقُبِض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر بسم اللَّه الرحمن الرحيم، فوضعتها في السبع الطول". فهو ضعيف منكر.

رواه الترمذيّ (٣٠٨٦)، واللفظ له، وأبو داود (٧٨٦)، وأحمد (٣٩٩)، وابن حبان (٤٣)، والحاكم (٢/ ٢٢١) كلهم من حديث عوف بن أبي جميلة، حدّثنا يزيد الفارسي، قال: حدّثنا ابن عباس قال: قلت لعثمان فذكره.

وقال الترمذيّ: "هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث عوف، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس. ويزيد الفارسي قد روى عن ابن عباس غير حديث، ويقال: هو يزيد بن هرمز، ويزيد الرقاشي هو يزيد بن أبان الرقاشي، ولم يدرك ابن عباس، ويزيد الفارسي أقدم من يزيد الرقاشي" انتهى.

قول الترمذيّ: يزيد الفارسي، ليس هو يزيد الرقاشي هذا صحيح لا خلاف فيه، وأما قوله: هو يزيد بن هرمز فخالفه جمهور أهل العلم، فقالوا: "يزيد الفارسي هذا، لم يرو عنه سوى عوف بن أبي جميلة، فهو في عداد المجهولين، وهو غير يزيد بن هرمز الثقة من رواة مسلم، ومن قال: إنهما واحد فقد وهم.

وأما سكوت الحافظ ابن كثير بعد نقل الحديث في تفسيره، وتصحيح الحاكم له، فهو محل استغراب. فإن في متنه أيضًا نكارة. فإن قول عثمان بأنه جعل سورة الأنفال والتوبة من الطوال مخالف لما ثبت بالتواتر أن ترتيب سور القرآن توقيفي؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عرض على جبريل في العرضة الأخيرة مرتين مرتبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>