ابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٤١٣): "وهذا من الغلط البين، ولا أدري ما وجهه، ولم يختلف الرواة للموطأ عن مالك -فيما علمت قديمًا وحديثًا- أنّ هذا الحديث في الموطأ لمالك، عن عبد الله بن أبي بكر، وليس لنافع فيه ذكر، ولا وجه لذكر نافع فيه. ولم يرو نافع عن عبد الله بن أبي بكر قط شيئًا، بل عبد الله بن أبي بكر ممن يصلح أن يروي عن نافع، وقد روي عن نافع من هو أجلّ منه. وهذا الحديث في الموطأ عند جماعة رواته لمالك عن عبد الله بن أبي بكر".
وكذلك لا يصح ما رواه الخطيب في تاريخه (٤/ ٨٢ - ٨٣) في ترجمة أبي عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، أخبرنا سويد بن سعيد، حدثنا مالك، عن الزهري، عن أنس، عن أبي بكر، أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أهدي جملًا لأبي جهل.
وقد سئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال: أبو عبد الله الصوفي وهم فيه وهمًا قبيحًا، والصواب عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر مرسلًا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والوهم فيه من الصوفي. انتهى.
٤ - باب ما جاء في ذبح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقرة عن نسائه في حجّة الوداع
• عن جابر، قال: نحر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بقرة في حجّته.
صحيح: رواه مسلم في الحج (١٣١٩: ٣٥٧) عن محمد بن حاتم، حدّثنا محمد بن بكر. ح وحدثني سعيد بن يحيى الأمويّ، حدثني أبي - كلاهما، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول (فذكره).
وقوله: "عن نسائه" يعني بعض نسائه؛ لأن البقرة تجزئ عن سبعة فقط، كما في حديث جابر الآتي، وقد جاء تفسيره في حديث أبي هريرة الآتي بقوله: "عمن اعتمر من نسائه". وعائشة لم تعتمر، فخرجت من التسعة، ولذا ذبح عنها بقرة بحجِّها.
• عن جابر بن عبد الله قال: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عائشة بقرة يوم النحر.
صحيح: رواه مسلم في الحجّ (١٣١٩) عن عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.
وتخصيص عائشة بالذكر من باب ذكر بعض أفراد العموم للأهمية.
• عن عائشة، قالت: خرجنا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا نرى إلا الحجّ حتى إذا كنا بسرف أو قريبًا منها، حضتُ. فدخل عليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي. فقال: "أنفستِ؟ " (يعني الحيضة) قالت: قلتُ: نعم. قال: "إنّ هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي".
قالت: وضحّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بالبقر.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحيض (٢٩٤)، ومسلم في الحج (١٢١١: ١١٩) كلاهما من