النبي - صلى الله عليه وسلم - تحدث فذكر الحديث وقال: فما تركتُهن منذ سمعتُهن. وإسناده صحيح.
وقوله: يتضوَّر - يُظهر الضور بمعنى الضر، يقال: ضاره يضوره ويضيره، وآخر الحديث يفيد أنه كان يفعل ذلك فرحًا بالموت اعتمادًا على صدق الموعد. كذا قاله السيوطي.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (٢٦٧٦٢) عن رَوح، قال: حدثنا الأوزاعي به وفيه: لما نزل بعنبسة بن أبي سفيان الموتُ، اشتدَّ جزعُه، فقيل له: ما هذا الجزعُ؟ قال: أما إني سمعت أم حبيبة، يعني أخته تقول فذكر الحديث.
ورَوح هو: ابن عُبادة. وهذا من أصح الأسانيد التي روي عنه هذا الحديث.
وتابع حسانَ بن عطية القاسمُ أبو عبد الرحمن، ومن طريقه رواه الترمذي (٤٢٨)، والنسائي. قال الترمذي: "حسن صحيح غريب من هذا الوجه. والقاسم هو: ابن عبد الرحمن يكنى أبا عبد الرحمن، وهو مولى عبد الرحمن بن خالد بن معاوية ثقة شامي، وهو صاحب أبي أمامة". انتهى
وأخرجه أبو داود (١٢٦٩)، والنسائي من طريق مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان به مثله، قال النسائي: مكحول لم يسمع من عنبسة شيئًا.
ورواه أيضًا الترمذي (٤٢٧)، والنسائي، وابن ماجه (١١٦٠) من طريق محمد بن عبد الله الشُعيثي، عن أبيه، عن عنبسة بن أبي سفيان به مثله، قال الترمذي: حسن غريب.
قلت: بل هذا الإسناد ضعيف لأجل عبد الله الشُعيني أبي محمد وهو: ابن المهاجر، فإنه لم يوثقه غير ابن حبان، ولذا قال فيه الحافظ: "مقبول".
وأما ابنه محمد فهو "صدوق". ولا بأس بذكر هذه الأسانيد للتقوية.
[١٤ - باب تأكيد أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين قبل الفجر]
• عن عائشة قالت: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدعُ أربعًا قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة.
صحيح: رواه البخاري في التهجد (١١٨٢) عن مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن شعبة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن عائشة فذكرته. وقال: تابعه ابن أبي عدي وعمرو، عن شعبة.
وأخرجه أيضًا النسائي (٣/ ٢٥١) من طريق عثمان بن عمر، قال: حدثنا شعبة إلا أنه أدخل بين محمد بن المنتشر وبين عائشة (مسروقًا) وقال: عامة أصحاب شعبة ممن روى هذا الحديث، فلم يذكروا مسروقًا.
قلت: لأن سماع محمد بن المنتشر من عائشة ثابت، ولذا جعل الدارقطني في "العلل" من المزيد في متصل الأسانيد، والحديث مخرج في "المنة الكبرى" (٢/ ٢٩١).
[١٥ - باب استحباب أربع ركعات بعد الزوال قبل الظهر]
• عن عبد الله بن السائب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُصَلِّي أربعًا بعد أن تزولَ