والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا يفنى بالكلية، كالجنة والنار، والعرش وغير ذلك. ولم يقل بفناء جميع المخلوقات إلا طائفة من أهل الكلام المبتدعين، كالجهم بن صفوان ومن وافقه من المعتزلة ونحوهم، وهذا قول باطل يخالف كتاب اللَّه، وسنة رسوله، وإجماع سلف الأمة وأئمتها، كما في ذلك من الدلالة على بقاء الجنة وأهلها، وبقاء غير ذلك مما لا تتسع هذه الورقة لذكره. وقد استدل طوائف من أهل الكلام والمتفلسفة على امتناع فناء جميع المخلوقات بأدلة عقلية. واللَّه أعلم". الفتاوى (١٨/ ٣٠٧).
[١٢ - باب تعاطف التسبيح والتهليل والتحميد على صاحبه حول العرش]
• عن النعمان بن بشير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ مما تذكرون من جَلال اللَّه: التسبيح، والتهليل، والتحميد ينعطفن حول العرش، لهنّ دويٌّ كدويّ النّحل، تُذكِّر صاحبها. أما يحبُّ أحدكم أن يكون له، أو لا يزال له من يُذَكِّرُ به".
صحيح: رواه ابن ماجه (٣٨٠٩) عن أبي بشر بكر بن خلف، قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن موسى بن أبي عيسى الطّحان، عن عون بن عبد اللَّه، عن أبيه، أو أخيه، عن النعمان بن بشير، فذكره.
وإسناده صحيح، وقد اختلف في تعيين موسى بن أبي عيسى الطّحان من هو؟ :
فقيل: هو موسى بن مسلم أبو عيسى الطّحان الكوفيّ، كما في رواية ابن ماجه وفي إحدى طريقي الطبراني في الدّعاء (١٦٩٣) والإمام أحمد (١٨٣٦٣) روى عنه يحيى بن سعيد، وكذلك روى عنه عبد اللَّه بن نمير، وعنه رواه ابن أبي شيبة (١٠/ ٢٩٨).
وهو الطّريق الثالث عند الطبرانيّ في كتاب الدعاء (١٦٩٣) إلا أنه قال: "عن موسى الجهني".
وموسى بن مسلم أبو عيسى ثقة، وثقه ابن معين، وقال أحمد: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات" (٧/ ٤٥٥).
وأما قول الطبرانيّ: موسى الجهنيّ، فلم أقف على من قال ذلك وإنما قالوا: موسى بن مسلم الحزاميّ، ويقال: الشّيبانيّ أبو عيسى الكوفيّ الطّحان المعروف بموسى الصّغير.
ورواه الحاكم (١/ ٥٠٠) من طريق عبد اللَّه بن نمير فقال: "عن موسى بن سالم، عن عون بن عبد اللَّه بن عتبة، عن أبيه، عن النعمان". وقال: "صحيح الإسناد". وتعقبه الذهبي فقال: "موسى ابن سالم قال فيه أبو حاتم: منكر الحديث".
قلت: خالف الحاكمُ جميع الرّواة فقال: موسى بن سالم فإن كان هو أبو جهضم مولى آل العباس بن عبد المطلب فإنه لم يذكر من رواته عبد اللَّه بن نمير كما لم يذكر من شيوخه عون بن عبد اللَّه بن عتبة إلا أنه ثقة أيضًا، وثقه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث صدوق. الجرح والتعديل (٨/ ١٤٣).