قلت: وهو كما قال، وإسناده حسن من أجل الكلام في هشام بن سعد المدني وهو إن كان من رجال مسلم فقد تكلّم فيه ابن معين والنسائي وغيرهما، ومشّاه الآخرون وهو حسن الحديث.
قال البيهقي رحمه الله:"إنّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غني". وقوله حين سئل عن أفضل الصدقة: "جهد من مقل" إنما يختلف باختلاف أحوال الناس في الصبر على الشّدة والفاقة، والاكتفاء بأقل الكفاية". ثم روى حديث الباب من طريق أبي داود.
٢٤ - باب إذا تصدّق وهو محتاج إليه بردّ عليه
• عن أبي سعيد، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ, فَقَالَ:"صَلِّ رَكْعَتَيْنِ" ثُمَّ جَاءَ الْجُمُعَةَ الثَّانِيَةَ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ، فَقَالَ:"صَلِّ رَكْعَتَيْنِ". ثُمَّ جَاءَ الْجُمُعَةَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ:"صَلِّ رَكْعَتَيْنِ" ثُمَّ قَالَ: "تَصَدَّقُوا". فَتَصَدَّقُوا، فَأَعْطَاهُ ثَوْبَيْنِ ثُمَّ قَالَ:"تَصَدَّقُوا" فَطَرَحَ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَلَمْ تَرَوْا إِلَى هَذَا، أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ فَرَجَوْتُ أَنْ تَفْطِنُوا لَهُ، فَتَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَلَمْ تَفْعَلُوا، فَقُلْتُ: تَصَدَّقُوا، فَتَصَدَّقْتُمْ فَأَعْطَيْتُهُ ثَوْبَيْنِ، ثُمَّ قُلْتُ: تَصَدَّقُوا، فَطَرَحَ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ، خُذْ ثَوْبَكَ" وَانْتَهَرَهُ! .
حسن: رواه النسائي (٢٥٣٦) عن عمرو بن علي، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا ابن عجلان، عن عياض (وهو ابن عبد الله بن سعد بن أبي سرح)، عن أبي سعيد، فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن عجلان -وهو محمد بن عجلان- فإنه حسن الحديث. ومن طريقه رواه أصحاب السنن مختصرًا ومطولًا، كما سبق في كتاب الجمعة.
وصححه ابن خزيمة (١٧٩٩)، وابن حبان (٢٥٠٣) وهو في مسند الإمام أحمد (١١١٩٧) كلّهم من هذا الوجه.
٢٥ - باب ما جاء في فضل إخفاء الصّدقة
قال الله تعالى:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢٧١].
• عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ".