حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: حدثنا عبد اللَّه بن يزيد المقرئ قال: حدثت ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حيَية قال: سمعت عبيد اللَّه بن رِفاعة الأنصاري قال: تذاكر أصحابُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عند عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- العزل، فاختلفوا فيه، فقال عمر -رضي اللَّه عنه-: قد اختلفتم وأنتم أهل بدر الخيار، فكيفَ بالناسِ بعدَكم إذ تناجي رجلان؟ فقال عمر: ما هذه المناجاةُ؟ قال: إنّ اليهودَ تزعم أنها الموءودةُ الصغرى، فقال علي -رضي اللَّه عنه-: "إنها لا تكون موءودةً حتى تمر بالتارات السَّبع {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ}[المؤمنون: ١٢] إلى آخر الآية، فعجب عمر من قوله وقال: جزاك اللَّه خيرا.
ولخّص ابن حجر كلام الطحاوي في الفتح (٩/ ٣٠٩) ثم قال: وتعقبه ابن رشد، ثم ابن العربي بأنه لا يجزم بشيء تبعا لليهود، ثم يصرح بتكذيهم فيه. . .
ثم قال: "وقد جمعوا بين تكذيب اليهود في قولهم "الموءودة الصغرى" وبين إثبات كونه "وأدا خفيا" في حديث جدامة بأن قولهم "الموءودة الصغرى" يقتضي أنه وأد ظاهر، لكنه صغير بالنسبة إلى دفن المولود بعد وضعه حيًا. فلا يعارض قوله إن العزل وأد خفي، فإنه يدل على أنه ليس في حكم الظاهر أصلًا. فلا يترتب عليه حكم، وإنما جعله وأدًا من جهة اشتراكها في قطع الولادة".
[٢٩ - باب ما جاء في الغيلة]
• عن عائشة، عن جدامة بنت وهب الأسدية، أنها أخبرتها أنها سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة، حتى ذكرتُ أن الروم وفارس يصنعون ذلك، فلا يضر أولادهم".
صحيح: رواه مالك في الرضاع (١٦) عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنه قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين، به.
ثم قال مالك: والغيلة أن يمسّ الرجل امرأته وهي ترضع.
ورواه مسلم في النكاح (١٤٠: ١٤٤٢) من طريق مالك، به، مثله.
وقول مالك: أن يمس أي يجامع كما في التنزيل: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}[البقرة: ٢٣٧] قال ابن عباس: المس: الجماع.
• عن جدامة بنت وهب أخت عكاشة قالت: حضرت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في أناس وهو يقول: "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة، فنظرت في الروم وفارس، فإذا هم يُغيلون أولادهم، فلا يضرّ أولادهم ذلك شيئًا" ثم سألوه عن العزل؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذلك الوأد الخفي".