ومن طريقه رواه أيضًا ابن خزيمة في "التوحيد" (١٨٤)، والحاكم (١/ ٨٠) وقال: "إسناده صحيح".
وأمّا ما رُوي عن معاذ بن جبل أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من صام رمضان، وصلّى الصّلوات، وحجّ البيت -لا أدري أذكر الزّكاة أم لا- إلّا كان حقًّا على اللَّه أنّ يغفر له، إنْ هاجر في سبيله، أو مكث بأرضه التي وُلد بها". قال معاذ: ألا أُخبر بهذا الناس؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذر النّاسَ يعملون، فإنّ في الجنّة مائة درجة ما بين كلّ درجنين كما بين السّماء والأرض، والفردوس أعلى الجنة، وأوسطها، وفوق ذلك عرش الرحمن، ومنها تُفجرُ أنهار الجنّة، فإذا سألتم اللَّه فسلوه الفردوس". فهو ضعيف.
رواه الترمذيّ (٢٥٣٠)، وابن ماجه (٤٣٣١) كلاهما من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن معاذ بن جبل، فإنّ عطاء بن يسار لم يدرك معاذ بن جبل. قال الترمذيّ: "عطاء لم يدرك معاذ بن جبل، معاذ قديم الموت، مات في خلافة عمر. ولكن قال: وهذا عندي أصح من حديث همام، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبادة بن الصامت".
قلت: في قوله الأخير، هذا فيه نظر؛ لأنّ همام بن يحيى ثقة من رجال الشّيخين فلا يضر من خالفه؛ لأنّه رواه على الصواب، وكذلك رواه هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة كما سبق في صحيح البخاريّ. فالحكم بالمخالفة والشّذوذ على مَنْ خالفهما أولى.
[٣ - باب عظمة العرش]
قال اللَّه تعالى: {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [سورة التوبة: ١٢٩].
وقال تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [سورة الحاقة: ١٧].
• عن جابر بن عبد اللَّه، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أُذن لي أن أحدِّث عن مَلَك من ملائكة اللَّه مِنْ حملة العرش، إنّ ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام".
صحيح: رواه أبو داود (٤٧٢٧) عن أحمد بن حفص بن عبد اللَّه قال: حدثني أبي، قال: حدثني إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكر الحديث. رجاله ثقات وإسناده صحيح.
وقد صحّحه الذّهبي في "العلو" (٢١٣).
وقال الحافظ في "الفتح" (٨/ ١١٥): "إسناده صحيح على شرط الصّحيح".
وقد جاء عن ابن مسعود قال: ما بين السّماء الدّنيا والتي تليها مسيرة خمسمائة عام، وبين كلّ سماءين مسيرة خمسمائة عام، وبين السّماء السّابعة وبين الكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي إلى الماء خمسمائة عام، والعرش على الماء، واللَّه فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه".
رواه الدّارميّ في الرّد على الجهمية (٨١)، والطبراني في الكبير (٩/ ٢٢٨)، وابن خزيمة في