وروي مثل هذا عن قتادة أيضا كما ذكره ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص ٢٠٦) ولكنه قال: "إن القول الصحيح المعتمد عليه أن هذه الآية محكمة، لأن أولها عام في المطلقات. وما ورد في الحامل، والآيسة، والصغيرة، فهو مخصوص من جملة العموم، وليس على سبيل النسخ" انتهى قوله.
قلت: تخصيص العموم هو نوع من النسخ عند بعض الفقهاء فلا مشاحة في الاصطلاح وفي الباب ما روي عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية أنها طُلِّقتْ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن للمطلقة عدة، فأنزل الله عز وجل حين طُلِّقتْ أسماء بالعدة للطلاق، فكانت أول من أنزلت فيها العدة للمطلقات.
رواه أبو داود (٢٢٨١) ومن طريقه البيهقي (٧/ ٤١٤) عن سليمان بن عبد الحميد البهراني، حدثنا يحيى بن صالح، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثني عمرو بن مهاجر، عن أبيه، عن أسماء بنت يزيد فذكرته.
وأعله المنذري بقوله: "في إسناده إسماعيل بن عياش، وقد تكلم فيه غير واحد".
قلت: وهو كما قال، ولكن التحرير فيه أن روايته عن الشاميين مستقيمة وهذا منها.
ولكن فيه مهاجر وهو ابن أبي مسلم الشافعي الأنصاري مولى أسماء بنت يزيد روي عنه جمعٌ، ولم يوثّقه أحدٌ غير ابن حبان ولذا قال الحافظ في التقريب "مقبول" أي عند المتابعة وإلا فليّن الحديث.
وقال ابن كثير في تفسيره بعد أن ساقه من تفسير ابن أبي حاتم: "حديث غريب من هذا الوجه".
أي ضعيف من هذا الوجه، وأنه لم يجد له وجها آخر.
[٢٥ - باب طلاق العبد]
• عن ابن عباس قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يا رسول الله، إن سيدي زوّجني أمته، وهو يريد أن يفرق بيني وبينها. قال: فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: "يا أيها الناس، ما بالُ أحدكم يُزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق".
حسن: رواه ابن ماجه (٢٠٨١) عن محمد بن يحيى، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن موسى بن أيوب الغافقي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة، ولكن له متابعات تقوّيه.
منها: ما رواه الدارقطني (٤/ ٣٧) والبيهقي (٧/ ٣٦٠) كلاهما من وجه آخر عن بقية بن الوليد، نا أبو الحجاج المهري، عن موسى بن أيوب الغافقي. فذكره.
وأبو الحجاج المهري هو رشدين بن سعد المصري وهو ضعيف أيضا.
قال البيهقي: "وخالفه ابن لهيعة فرواه عن موسى بن أيوب مرسلًا"، وهو ما رواه الدارقطني