من طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة، به.
وعبد اللَّه بن وهب أحد العبادلة الذين تقبل روايتهم عن ابن لهيعة.
قلت: وفيه اعتذار لأبي ذر أنّ ما يُذكر عنه من الشّدة في بعض الأمور إنّما كان ذلك لهذه العلّة، واللَّه أعلم. ولذا حذّر العلماء لمن تصدّى للعلم أن لا يكون عالمًا بالنّاسخ والمنسوخ.
يقول أبو عبد الرحمن السّلميّ صاحب علي بن أبي طالب: إنّ عليًا رضي اللَّه عنه أتى على قاض يقضي فقال: أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا. فقال عليٌّ: هلكت وأهلكت.
رواه البيهقيّ في المدخل (١٨٤) من طريق شعبة، عن أبي حصين، قال: سمعت أبا عبد الرحمن، فذكره.
ورواه أبو خيثمة في العلم (ص ١٢٠) من طريق سفيان، عن أبي حصين، بإسناده، مثله. وجاء مثل هذا عن ابن عباس أيضًا. انظر: "المدخل" (١٨٥).
٤٧ - باب إخبار النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بما هو كائن إلى يوم القيامة
• عن حذيفة، قال: قام فينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مقامًا. ما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام السّاعة، إلّا حدّث به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه. قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنّه ليكون منه الشّيء قد نسيتُه فأراه فأذكره، كما يذكرُ الرّجلُ وجه الرّجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه.
متفق عليه: رواه البخاريّ في القدر (٦٦٠٤)، ومسلم في الفتن (٢٨٩١: ٢٣) كلاهما من طريق الأعمش، عن أبي وائل (شقيق بن سلمة)، عن حذيفة، فذكره.
وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاريّ نحوه. وفي لفظ لمسلم: أخبرني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلّا قد سألته. إلّا أنّي لم أسأله: ما يخرج أهل المدينة من المدينة.
ورواه البزّار (كشف الأستار - ١٤٨) من وجه آخر عن حذيفة قال: عُرضتْ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمّته، فقمت خلفه، فلما فرغ التفت إليَّ، قال: كنت هاهنا هل سمعت؟ قلت: نعم، وكان حذيفة يقول: هل في هذا ما حفظ رجل؟ قال: فقام فينا فأخبرنا بما هو كائن إلى يوم القيامة، أو قال: فأخبرنا بما بيننا وبين السّاعة حفظه من حفظه ونسيه من نسيه.
• عن عمرو بن أخطب، قال: صلّى بنا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الفجر، وصعد المنبر فخطبنا حتّى حضرت الظّهر، فنزل فصلّى، ثم صعد المنبر. فخطبنا حتّى حضرت العصر. ثم نزل فصلّى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتّى غربت الشّمس، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن. فأعلمُنا أحْفظنا.
صحيح: رواه مسلم في الفتن (٢٨٩٢) من طريقين عن أبي عاصم، عن عزرة بن ثابت، أخبرنا