قوله:{جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا} أي: سخَّرها وذلَّلها وجعلها سهلة الاستفادة لكم، فأنتم مع شدتها وصلابتها ومع ما فيها من الجبال والبحار تنتفعون بها، وتدركون منها كل ما تعلقت به حاجتكم من الزراعة والحرث والغرس والحفر والعمارة والبناء وتمهيد السبل وإنشاء الطرق وغيرها من أنواع الحاجة وطرق الاستفادة.
وقوله:{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} أي: سافروا في أقطارها وأرجائها من أجل المكاسب والتجارات، واطلبوا فضل الله عز وجل ورزقه بذلك، وكلوا مما رزقكم الله عز وجل، والسعي للرزق لا ينافي التوكل على الله عز وجل، كما جاء في الحديث.
• عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا".
صحيح: رواه الترمذي (٢٣٤٤) وابن ماجه (٤١٦٤) وأحمد (٢٠٥) وصحَّحه ابن حبان (٧٣٠) والحاكم (٤/ ٣١٨) كلهم من طرق عن عبد الله بن هُبيرة، عن أبي تميم الجيشاني، عن عمر بن الخطاب فذكره. وإسناده صحيح.
قال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأبو تميم الجيشاني اسمه: عبد الله بن مالك".
معناه: أرأيتم إنْ أهلكني الله فعذّبني ومن معي، أو رحمنا فغفر لنا، فنحن مع إيماننا خائفون أن يهلكنا بذنوبنا لأن حكمه نافذ فينا فمن يجيركم ويمنعكم من عذابه، وأنتم كافرون. كذا فسّره ابن عباس.
لأن من وقاحة المشركين أن يجهروا بتمني هلاك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المسلمين، بل كانوا تآمروا على قتله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن الله تعالى أبطل حيلهم، وعصمه من مكرهم.