قالوا: قد خرج من مكة، ونزل يثرب، قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم، قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه، قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم، قال: أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه، وإني مخبركم عني، إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج، فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة -أو واحدًا منهما- استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها".
قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وطعن بمخصرته في المنبر: "هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة -يعني المدينة-، ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ " فقال الناس: نعم، "فإنه أعجبني حديث تميم، أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه، وعن المدينة ومكة، ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق، ما هو! من قبل المشرق، ما هو! من قبل المشرق، ما هو! وأومأ بيده إلى المشرق، قالت: فحفظتُ هذا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٤٢) من طرق عن عبد الوارث بن عبد الصمد، حدّثنا أبي، عن جدي، عن الحسين بن ذكوان، حدّثنا ابن بريدة، حدّثني عامر بن شراحيل الشعبي، فذكره.
[٧ - باب ما جاء في ابن صياد]
• عن سالم بن عبد اللَّه أخبره، أن عبد اللَّه بن عمر أخبره: أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في رهط قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة، وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم، فلم يشعر حتى ضرب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ظهره بيده، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لابن صياد:"أتشهد أني رسول اللَّه؟ فنظر إليه ابن صياد، فقال: أشهد أنك رسول الأميين، فقال ابن صياد لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أتشهد أني رسول اللَّه؟ فرفضه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: "آمنت باللَّه وبرسله"، ثم قال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ماذا ترى؟ " قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خلط عليك الأمر"، ثم قال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني قد خبأت لك خبيئا"، فقال ابن صياد: هو الدخ، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اخسأ، فلن تعدو قدرك"، فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول اللَّه أضرب عنقه، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله".