فيقول: فإنّي أنساك كما نسيتني. ثم يلقي الثالث فيقول له مثل ذلك. فيقول: يا ربّ آمنتُ بك وبكتابك وبرسلك وصلّيتُ وصمْتُ وتصدّقت، ويُثني بخير ما استطاع. فيقول: ههنا إذًا. قال: ثم يقال له: الآن نبعثُ شاهدَنا عليك، ويتفكّر في نفسه: من ذا الذي يشهدُ عليّ؟ ! فيُختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انْطِقي، فتنطقُ فخذه ولحمُه وعظامه، وذلك ليُعذر من نفسه. وذلك المنافق، وذلك الذي يسخطُ اللَّهُ عليه".
صحيح: رواه مسلم في كتاب الزهد والرقاق (٢٩٦٨) عن محمد بن أبي عمر، حدّثنا سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
إنّ اللَّه عزّ وجلّ يكلّم المؤمنين والمنافقين يوم القيامة بلا ترجمان بينه وبينهم، إذ من غير جائز أن يقول غير اللَّه لبعض عباده أو تجميعهم: "أنا ربُّكم" ولا يقول: "أنا ربُّكم" غير اللَّه، إلّا أنّ اللَّه تعالى يكلّم المنافقين على غير المعنى الذي يكلّم المؤمنين فيكلّم المنافقين على معنى التوبيخ والتقرير، ويكلّم المؤمنين ويبشرهم بما لهم عند اللَّه عزّ وجلّ - كلام أوليائه وأهل طاعته. انظر: كتاب التوحيد لابن خزيمة (١/ ٣٤٧).
وقوله: "فُلْ" أي فلان.
٤٠ - باب الذين لا يكلمهم اللَّه يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم
• عن أبي هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثلاثة لا ينظر اللَّه إليهم يوم القيامة، ولا يزكّيهم، ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء بالطّريق فمنعه من ابن السّبيل، ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلّا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي وإن لم يعطه منها سخط، ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال: واللَّه الذي لا إله غيره، لقد أعطيت بها كذا وكذا، فصدّقه رجل، ثم قرأ هذه الآية:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}[سورة آل عمران: ٧٧]".
متفق عليه: رواه البخاريّ في المساقاة (٢٣٥٨) عن موسى بن إسماعيل، حدّثنا عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، قال: سمعت أبا صالح، يقول: سمعت أبا هريرة، فذكر الحديث.
ورواه مسلم في الإيمان (١٠٨) من وجه آخر عن الأعمش، فذكر نحوه ولم يذكر في حديثه آية سورة آل عمران.
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثلاثة لا يكلّمهم اللَّه يوم القيامة، ولا يزُكّيهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملِك كذّاب، وعائل مستكبر".