رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو في بيت حفصة، فقلت: يا رسول اللَّه، رويدك أسألك: إني أبيع الابل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم، وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء".
رواه أبو داود (٣٣٥٤)، والترمذي (١٢٤٢)، والنسائي (٤٥٨٣)، وابن ماجه (٢٢٦٢)، والحاكم (٢/ ٤٤)، والبيهقي (٥/ ٢٨٤)، وأحمد (٤٨٨٣) كلهم من طرق عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر. وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفا".
وأما الحاكم، فقال: "صحيح على شرط مسلم".
والصواب أنه حديث ضعيف؛ فإن سماك بن حرب وهم في رفع هذا الحديث، وغيره رووه موقوفا. وقد أشار ابن معين إلى أن سماك بن حرب أسند أحاديث لم يسدها غيره، وهو ثقة.
وقال النسائي: "كان ربما لقن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة؛ لأنه كان يلقن فيتلقن". وقد أشار الترمذيّ إلى أنه تفرّد برفع هذا الحديث، وداود بن أبي هند رواه موقوفا.
قلت: وهو ما رواه ابن أبي شيبة (١/ ٣٣٢)، وأبو يعلى (٥٦٠٤) كلاهما من طريق ابن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عمر يكون عليه الورق، فيعطي بقيمته دنانير إذا قامت على سعر، ويكون عليه الدنانير فيعطي الورق بقيمتها.
وكذلك رواه النسائي (٤٥٨٥) عن محمد بن بشار قال: أنبأنا مؤمل قال: حدّثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر أنه كان لا يرى بأسا يعني في قبض الدراهم من الدنانير، والدنانير من الدراهم. انتهى.
وقال البيهقي: "والحديث ينفرد برفعه سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير بين أصحاب ابن عمر". وهو كما قالوا.
قال الترمذيّ عقب تخريج الحديث: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم أن لا بأس أن يقضي الذهب من الورق، والورق من الذهب. وهو قول أحمد، وإسحاق. وقد كره بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وغيرهم ذلك". اهـ.
[١٧ - باب في النهي عن بيع المزابنة والمحاقلة]
• عن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن المزابنة. والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا، وبيع الكرم بالزبيب كيلا.