متفق عليه: رواه مالك في البيوع (٢٣) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره. ورواه البخاري في البيوع (٢١٨٥)، ومسلم في البيوع (١٥٤٢) كلاهما من طريق مالك به مثله.
ورواه مسلم من وجه آخر عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر قال: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المزابنة. والمزابنة بيع ثمر النخل بالتمر كيلا، وبيع الزبيب بالعنب كيلا، وعلى كل ثمر بخرصه".
ورواه أيوب عن نافع، عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى المزابنة. والمزابنة أن يباع ما في رؤوس النخل بتمر كيلا مسمى، إن زاد فلي، وإن نقص فعلي.
ورواه الترمذيّ (١٣٠٠) من طريق محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن المحاقلة والمزابنة إلا أنه قد أذن لأهل العرايا أن يبيعوها بمثل خرصها.
قال الترمذيّ: "حديث زيد بن ثابت هكذا روى محمد بن إسحاق هذا الحديث. وروى أيوب، وعبيد اللَّه بن عمر، ومالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن المحاقلة والمزابنة".
وبهذا الإسناد عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه رخص في العرايا، وهذا أصح من حديث محمد بن إسحاق. انتهى.
مراد الترمذي أن ابن إسحاق أخطأ، فأدخل حديثا في حديث؛ فإن الذي رواه ابن عمر عن زيد ابن ثابت هو الاستثناء في العرية فقط، كما سيأتي. وأما النهي عن المزابنة فرواه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بدون واسطة زيد بن ثابت، فخالف محمد بن إسحاق أيوبَ، وعبيد اللَّه بن عمر، ومالكا في ذلك.
وأما تفسير المزابنة فظاهره أنه مرفوع؛ لأنه اصطلاح شرعي، لم يكن معروفا قبل الإسلام، فكون تفسيره من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقرب إلى الصواب.
ولكن رواه الإمام أحمد (٥٣٢٠) عن عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن المزابنة.
قال: فكان نافع يفسرها: الثمرة تشترى بخرصها تمرا بكيل مسمى، إن زاد فلي، وإن نقصت فعلي.
وهذا مشعر بأن التفسير من نافع، والصحيح هو الأول، ولعل نافعا أراد بذلك تأكيد هذا التفسير المأثور، لا أنه فسره من عند نفسه.
وقد رواه الإمام أحمد (٤٤٩٠) عن إسماعيل (وهو ابن علية)، عن أيوب مثل رواية مسلم وغيره بأن التفسير من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسيأتي مثل ذلك عن أبي سعيد الخدري أيضًا.
وقد رجح الحافظ ابن حجر أيضًا أن التفسير مرفوع إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
قوله: "المزابنة" مفاعلة من الزّبْن -بفتح الزاي، وسكون الموحدة-، وهو الدفع الشديد، ومنه سميت الحرب الزبون لشدة الدفع فيها. وقيل للبيع المخصوص المزابنة؛ لأن كل واحد من المتبايعين يدفع صاحبه عن حقه.