وفي رواية:"آخر سورة أنزلتْ تامّة سورة التوبة". رواه مسلم من طريق زكريا، عن أبي إسحاق.
• عن أُبي بن كعب، قال:"آخر ما نزل من القرآن: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[سورة التوبة: ١٢٨] ".
صحيح: رواه الحاكم (٢/ ٢٣٨) عن أبي العباس محمد بن يعقوب، ثنا بكار بن قتيبة القاضي، ثنا أبو عامر عبد اللَّه بن عمرو العقديّ، ثنا شعبة، عن يونس بن عبيد، وعلي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب بن مالك، فذكره.
قال الحاكم:"حديث شعبة عن يونس بن عبيد صحيح على شرط الشّيخين".
وأمّا علي بن زيد وهو ابن جدعان فأكثر أهل العلم على تضعيفه، ولعلّه لهذا السّبب صحّح الحاكم رواية شعبة، عن يونس بن عبيد. ولم يصحح رواية علي بن زيد، واللَّه أعلم.
ورواه الواحديّ في أسباب النزول (ص ١٣) من وجه آخر عن شعبة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن ماهك، عن أُبي بن كعب، قال:"أحدث القرآن باللَّه عهدًا {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}[سورة التوبة: ١٢٨] وأوّل يوم أنزل القرآن فيه يوم الاثنين".
ومن طريق شعبة عنه، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، عن أُبي بن كعب. رواه عبد اللَّه ابن أحمد في زوائد أبيه (٢١١١٣) كما رواه أيضًا من وجه آخر في مسند أبيه (٢١٢٢٦) قال: حدثنا روح بن عبد المؤمن، حدثنا عمر بن شقيق، حدّثنا أبو جعفر الرّازيّ، حدّثنا الرّبيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب:"أنهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون ويملي عليهم أبيُّ بن كعب، فلمّا انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة:{ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}[سورة التوبة: ١٢٧]، فظنّوا أنّ هذا آخرُ ما أُنزلَ من القرآن، فقال لهم أبيُّ بن كعب: إنّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَقْرأني بعدها آيتين:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[سورة التوبة: ١٢٨ - ١٢٩] ثم قال: هذا آخر ما أُنزل من القرآن، قال: فختم بما فتُح به بـ"اللَّه الذي لا إله إلّا هو" وهو قولُ اللَّه تبارك وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: ٢٥] ".
وأبو جعفر الرّازيّ هو عيسى بن عبد اللَّه بن ماهان، وصفه الحافظ بأنّه "صدوق سيء الحفظ خصوصا عن مغيرة". وهو لا بأس به في المتابعات.
إن صحّ هذا فإنه يحمل على أن كلًا قال بما وصل إليه من علم في آخر ما نزل من القرآن، أو أن أبي بن كعب أراد بالآية سورة البراءة كلّها كما جاء في حديث البراء بن عازب، واللَّه تعالى أعلم.
٨ - باب نزول القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا
قال اللَّه تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[سورة القدر: ١].