وقال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [سورة البقرة: ١٨٥].
أي أنّه نزل في ليلة القدر من اللّوح المحفوظ إلى السماء الدّنيا، ثم أنزل على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على ما أراد اللَّه إنزاله إليه.
جاء ذلك عن ابن عباس من طرق كثيرة، ولم نجد له مخالفًا من أحد من الصحابة، ومن هذه الطّرق:
• عن ابن عباس، قال: "أنزل القرآن جملة من الذّكر في ليلة أربع وعشرين من رمضان، فجُعل في بيت العزّة".
صحيح: رواه النّسائيّ في الكبرى (٧٩٩١)، والطّبرانيّ في الكبير (١٢٣٨١)، والحاكم (٢/ ٢٢٣)، وابن جرير الطّبريّ في تفسيره (٣/ ١٨٩) من طرق عن الأعمش، عن حسان بن أبي الأشرس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذّهبيّ.
وفي رواية: "فجعل جبريل ينزل على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ويرتّله ترتيلًا".
وفي رواية زيادة: بجواب كلام العباد وأعمالهم.
• عن ابن عباس قال: "أنزل القرآن جملة واحدة إلى السّماء الدّنيا. في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك بعشرين سنة: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [سورة الفرقان: ٣٣] ".
صحيح: رواه النسائيّ في السنن الكبرى (٧٩٣٥)، وفي فضائل القرآن (١٤)، والحاكم (٢/ ٢٢٢) -واللّفظ له- كلاهما من حديث داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
وفي لفظ للنسائيّ: "فكان إذا أراد اللَّه أن يُحْدِثَ شيئًا نزل، فكان من أوّله وآخره عشرين سنة".
قال الحاكم: "صحيح الإسناد".
قوله: "عشرين سنة" فيه إلغاء الكسر، أو أنّه لم يحتسب مدّة فتور الوحي، إذ المعتمد أن مدّة نزول الوحي كانت ثلاثًا وعشرين سنة كما مضى.
• وعن ابن عباس، قال: "نزل القرآن كلّه جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السّماء الدّنيا، فكان اللَّه إذا أراد أن يُحدث في الأرض شيئًا أنزله منه حتى جمعه".
صحيح: رواه ابن جرير الطّبريّ في تفسيره (٢٤/ ٥٤٥)، والحاكم (٢/ ٢٢٢)، وعنه البيهقيّ في الأسماء والصفات (٤٩٨) عن ابن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
وابن المثنى هو محمد بن المثنى بن عبيد العنزي مات سنة (٢٥٢ هـ).
قال الحاكم: "صحيح الإسناد".