للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صحيح: رواه أبو داود (٣٥١٧)، والترمذي (١٣٦٨)، وابن الجارود (٦٤٤)، وأحمد (٢٠٠٨٨) كلّهم من طريق قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب فذكره.

قال الترمذيّ: "حسن صحيح".

وأما ما رواه سعيد، عن قتادة، عن أنس فهو وهم، كما أشار إليه الترمذيّ، ومن طريقه رواه ابن حبان (٥١٨٢).

وقوله: "السقب" القرب. يقال بالسين والصاد جميعا.

قال الشافعي: قوله: "الجار أحق بسقبه" لا يحتمل إلا معنيين لا ثالث لهما:

إما أن يكون أراد أن الشفعة لكل جار، أو أراد بعض الجيران دون بعض، وقد ثبت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لا شفعة فيما قسم، فدل على أن الشفعة للجار الذي لم يقاسم دون الجار المقاسم".

وبه قال جمهور أهل العلم بأن الشفعة ليست لكل جار، بل للجار الذي لم يقاسم، وطريقهما واحد لرفع الضرر عن الجار القريب جمعا بين الأحاديث. وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب، وعثمان.

وبه قال أهل المدينة منهم يحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك. وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق.

فإن هؤلاء لا يرون الشفعة إلا للخليط، ولا يرون للجار شفعة إذا لم يكن خليطا.

وأما بمجرد الجوار فلا تثبت الشفعة عندهم، فالحديث العام مؤول، كما قال أهل المدينة، والشافعي، وغيرهم. وأخرج المحدثون هذا الحديث في كتبهم على هذا التأويل. أو أن المقصود من الحديث العام البر والإحسان إلى الجيران دون الشفعة، وإلا فيكون فيه تعطيل لمصالح النّاس في البيع والشراء.

وذهب الثوري، وابن المبارك، وأهل الكوفة إلى ظاهر الحديث، فقالوا بثبوت الشفعة للجار مستدلين بقوله: "جار الدار أحق بالدار"، و"الجار أحق بسقبه".

[٣ - باب ما جاء في الشفعة للغائب]

روي عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها، وإن كان غائبا، إذا كان طريقهما واحدا".

رواه أبو داود (٣٥١٨)، والترمذي (١٣٦٩)، وابن ماجه (٢٤٩٤)، والبيهقي (٦/ ١٠٦)، وأحمد (١٤٢٥٣) كلّهم من حديث عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر فذكره.

قال الترمذيّ: "حسن غريب". وقال: "ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر. وقد تكلم شعبة في عبد الملك بن أبي سليمان من أجل هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>