للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥٣ - باب انتقام قريش لقتلى بدر بالتآمر على النبي - صلى الله عليه وسلم -]

• عن ابن شهاب قال: لما رجع كل المشركين إلى مكة أقبل عمير بن وهب حتى جلس إلى صفوان بن أمية في الحجر، فقال صفوان: قبّح الله العيش بعد قتلى بدر، قال: أجل، والله ما في العيش خير بعدهم، ولولا دين عليّ لا أجد له قضاء، وعيال لا أدع لهم شيئًا، لرحلت إلى محمد فقتلته إن ملأت عينيَّ منه، فإن لي عنده علة أعتلّ بها عليه، أقول: قدمت من أجل ابني هذا الأسير. قال: ففرح صفوان، وقال له: عليّ دَينك، وعيالك أسوة عيالي في النفقة، لا يسعني شيء وأعجز عنهم. فاتفقا، وحمله صفوان وجهّزه، وأمر بسيف عمير فصقل وسمّ، وقال عمير لصفوان: أكتم خبري أيامًا.

وقدم عمير المدينة، فنزل بباب المسجد، وعقل راحلته، وأخذ السيف، وعمد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إليه عمر وهو في نفر من الأنصار، ففزع، ودخل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله لا تأمنه على شيء، فقال: "أدخله عليّ" فخرج عمر، فأمر أصحابه أن يدخلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحترسوا من عمير، وأقبل عمر وعمير حتى دخلا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع عمير سيفه. قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - لعمر: "تأخر عنه" فلما دنا منه عمير قال: أنعم صباحًا. وهي تحية أهل الجاهلية. فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: "قد أكرمنا الله عز وجل عن تحيتك، وجعل تحيتنا تحية أهل الجنة، وهي السلام" فقال عمير: إن عهدك بها لحديث فقال له: "ما أقدمك يا عمير؟ " قال: قدمت على أسيري عندكم تفادونا في أسرانا فإنكم العشيرة والأهل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال السيف في عنقك؟ ! "، فقال: قبحها الله من سيوف، فهل أغنت عنا شيئًا؟ إنما نسيته في عنقي حين نزلت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اصدقني ما أقدمك؟ " قال: ما قدمت إلا في طلب أسيري قال: "فماذا شرطت لصفوان في الحجر؟ " ففزع عمير، وقال: ماذا شرطت له؟ ! قال: "تحملت له بقتلي على أن يعول أولادك، ويقضي دَينك، والله حائل بينك وبين ذلك" فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، كنا يا رسول الله نكذبك بالوحي، وبما يأتيك من السماء، وإن هذا الحديث كان بيني وبين صفوان في الحجر كما قلت، لم يطلع عليه أحد، فأخبرك الله به، فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق، ففرح به المسلمون، وقال له رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: "اجلس يا عمير نؤانسك"، وقال لأصحابه: "علموا أخاكم القرآن"

<<  <  ج: ص:  >  >>