قلت: مع الاضطراب على الأعمش فإن من رواته عنه سعد بن الصلت وحبيب بن خالد الأسدي لا يُحمدان، وأما أبو حمزة السكري وهو محمد بن ميمون فهو ثقة فاضل.
[١٠ - باب ما يكون على من أعرض عن ذكر الله تعالى من العذاب في القبر قبل عذاب يوم القيامة]
• عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن المَيِّت إذا وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم حين يوُلُّون عنه، فإن كان مؤمنًا، كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن شماله، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه. فيؤتي من قبل رأسه، فتقول الصلاةُ: ما قِبَلي مَدْخل، ثم يؤتى عن يمينه، فيقول الصيام: ما قِبَلِي مدخلٌ، ثم يؤتى عن يساره، فتقول الزكاة: ما قِبَلِي مدخلٌ، ثم يُؤتَى من قِبَلِ رِجْلَيه، فتقول فِعْلُ الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قبلي مدخل، فيقال له: اجْلِسْ فيجلسُ، وقد مُثِّلتْ له الشمس، وقد أُدْنِيَتْ للغروب، فيقال له: أرأيتَكَ هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه، وماذا تشهد به عليه؟ فيقولُ: دعوني حتى أصلي، فيقولون: إنك ستفعلُ، أخبرني عما نسألُكَ عنه، أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقولُ فيه، وماذا تشهدُ عليه؟ قال: فيقولُ: محمدٌ أشهدُ أنه رسولُ الله، وأنه جاء بالحق من عند الله، فيقال له على ذلك حييتَ وعلى ذلك مُتَّ، وعلى ذلك تُبْعَثُ إن شاء الله، ثم يُفتحُ له باب من أبواب الجنة، فيقال له: هذا مَقْعَدُك منها، وما أعدَّ اللهُ لك فيها، فيزدادُ غبطةٌ وسرورًا، ثم يُفتحُ له باب من أبواب النار، فيقالُ له: هذا مَقْعَدُك منها وما أعدَّ الله لك فيها لو عَصَيْتَهُ، فيزدادُ غبطةً وسرورًا، ثم يُفسحُ له في قبره سبعون ذراعًا، ويُنوَّر له فيه، ويُعادُ الجسد كما بدأ منه، فتجعل نَسْمَتُهُ في النَّسَم الطيب، وهي طير يعلقُ في شجر الجنة، قال: فذلك قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}[إبراهيم: ٢٧].
قال: إن الكافر إذا أُتي من قبل رأسه، لم يوجد شيء، ثم أتي عن يمينه، فلا يوجد شيء، ثم أتي عن شماله، فلا يوجد شيء، ثم أتي من قبل رجلَيْه، فلا يوجد شيء، فيقال له: اجلس، فيجلسُ خائفًا مرعوبًا، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول فيه؟ وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: أيُّ رجل؟ فيقال: الذي كان فيكم، فلا يهتدي لاسمِه حتى يقال له: محمد، فيقول: ما أدري سمعتُ الناس