رواه أبو داود (١٣٠٥) عن أحمد بن محمد - يعني المروزي -، حدثنا وكيع، عن مِسْعَر، عن سِماك الحنفي، عن ابن عباس فذكر مثله.
وإسناده حسن لأجل سِماك الحنفي، وهو: ابن الوليد أبو زميل وثقه أحمد وابن معين وغيرهما. وقال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: ليس به بأس.
قلت: وهو حسن الحديث.
وأخرجه الحاكم (٢/ ٥٠٥) من طريق مِسعر به وقال: "صحيح الإسناد".
هذا الحكم خاص بأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا خلاف بين أهل العلم بأن قيام الليل ليس بواجب. قال الشافعي رحمه الله تعالى مستدلًّا بقوله تعالى: {فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} أنها ناسخة لقيام الليل ونصفه وثلثه وما تيسر "الرسالة" (ص ١١٦).
ولكن وقع الخلاف بين السلف في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - هل كان فرضًا عليه أم لا؟ قال ابن القيم رحمه الله تعالى وهذا ملخص كلامه: "الطائفتان احتجوا بقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} قالوا: فهذا صريح في عدم الوجوب.
وقال الآخرون: أمره بالتهجد في هذه السورة كما أمره في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)} ولم يجيء ما ينسخه عنه. وأما قوله تعالى: {نَافِلَةً لَكَ} فلو كان المراد به التطوع لم يخصه بكونه نافلة له، وإنما المراد بالنافلة الزيادة. ومطلق الزيادة لا يدل على التطوع قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} أي زيادة على الولد، وكذلك النافلة في تهجد النبي - صلى الله عليه وسلم - زيادة في درجاته، وفي أجره ولهذا خصه بها، فإن قيام الليل في حق غيره مباح، ومكفِّر للسيئات، وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فهو يعمل في زيادة الدرجات وعلو المراتب، وغيره يعمل في التكفير".
ثم قال رحمه الله تعالى: "والمقصود أن النافلة في الآية لم يُرَد بها ما يجوز فعلُه وتركُه، كالمستحب والمندوب، وإنما المراد بها الزيادة في الدرجات، وهذا قدر مشترك بين الفرض والمستحب، فلا يكون قوله: {نَافِلَةً لَكَ} نافيًا لما دلَّ عليه الأمر من الوجوب". انظر: "زاد المعاد" (١/ ٣٢٢، ٣٢٣).
٣ - باب ما جاء في قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بآية من القرآن ليلة ً
• عن عائشة قالت: قام النبي - صلى الله عليه وسلم - بآية من القرآن ليلةً.
صحيح: رواه الترمذي (٤٤٨) عن أبي بكر محمد بن نافع البصري، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن إسماعيل بن مسلم العبدي، عن أبي المتوكِّل الناجي، عن عائشة فذكر مثله.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه".
قوله: "حسن" فيه تقصير، والصواب أنه صحيح.