للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٤ - باب ما جاء في إقالة زلّات أهل العلم والدّين

• عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلّا الحدودَ".

حسن: رواه أبو داود (٤٣٧٥) عن جعفر بن مسافر، ومحمد بن سليمان الأنباريّ، قالا: أخبرنا ابن أبي فديك، عن عبد الملك بن زيد -نسبه جعفر إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل- عن محمد بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة، فذكرته.

ورواه الإمام أحمد (٢٥٤٧٤) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الملك بإسناده. ونسبه المنذريّ للنسائيّ أيضًا.

قلت: أي في السنن الكبرى (٧٢٩٤) وقال: "وفي إسناده عبد الملك بن زيد العدوي وهو ضعيف الحديث".

قلت: عبد الملك بن زيد وإن قال فيه أبو حاتم: ضعيف الحديث، فقد قال فيه النسائي -وهو من المتشدّدين-: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، واعتمد الحافظ في التقريب قول النسائيّ فقال فيه: "لا بأس به". وقد حسّن هذا الحديث في بعض كتبه.

ومع هذا فإنه لم ينفرد به، بل توبع، فقد أخرج ابن حبان في صحيحه (٩٤) من وجه آخر عن أبي بكر بن نافع العمري، عن محمد بن أبي بكر، بإسناده مرفوعًا ولفظه: "أقيلوا ذوي الهيئات زلّاتِهم".

وأخرجه غيره من أوجه أخرى، ولذا لا وجه لقول ابن عدي في هذا الحديث مع حديث آخر: هذان الحديثان منكران لم يروهما غير عبد الملك".

وللحديث شواهد عن عبد اللَّه بن مسعود، وعبد اللَّه بن عمر، وزيد بن ثابت، وغيرهم، وكلّها ضعيفة.

قوله: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم" أي سامحوا الصّالحين من ذوي الهيئات الحسنة من أخطائهم وسيئاتهم.

وذوي الهيئات: هم أهل العلم والدّين.

قال السِّنديّ: "قيل: هم الذين لم يظهر منهم ريبة، وقيل: هم الذين لا يُعرفون، وإنّما اتفق منهم زلًة، والهيئة شكل الشيء، والمراد ذوو الهيئات الحسنة الملازمون لها، ولا ينتقلون من حالة إلى حالة، وقيل: المراد أصحاب المروءات والخصال الحميدة، وقيل: ذوو الوجوه من النّاس.

والعثرات: قيل: الصغائر. والاستثناء بقوله: "إلّا الحدود". منقطع. وقيل: الذنوب مطلقًا. والمراد بالحدود ما يوجبها من الذنوب، والاستثناء متصل.

والخطاب مع الأئمة وغيرهم ممن يستحق المؤاخذة والتأديب عليها" أنتهي.

وقد جاء في الصحيحين -البخاري (٣٨٠١)، ومسلم (٢٥١٠) - عن أنس بن مالك، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في فضل الأنصار: "الأنصار كَرِشي وعَيْبتي، والناسُ سيكثرون ويقلّون، فاقبلوا من مُحسنهم وتجاوزوا عن مُسيئهم". هذا لفظ البخاريّ، ولفظ مسلم: "واعفوا عن مُسيئهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>