والوليد بن مسلم وإن كان مدلِّسًا فقد صرّح بالتحديث عند ابن حبان، وتابعه عليه جماعة منهم نعيم بن حمّاد، ووارث بن عبيد اللَّه عند الحاكم، ومحمد بن مكي عند ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١٠٥٣) وغيرهم.
• وعن أبي أمية الجمحيّ، أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنّ من أشراط السّاعة ثلاثًا: إحداهنّ أن يُلتمس العلم عند الأصاغر".
حسن: رواه الطبرانيّ (٢٢/ ٣٦١ - ٣٦٢)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١٠٥٢) من طريق ابن المبارك -وهو عنده في الزّهد (٦١) - عن عبد اللَّه بن لهيعة، قال: حدثني بكر بن سوادة، عن أبي أمية الجمحي، فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل ابن لهيعة، فهو حسن الحديث إذا روى عنه العبادلة.
تنبيهان: الأوّل: ورد اسم الصحابيّ عند الطبراني أنّه أبو أمية اللّخميّ، لكن في الزهد لابن المبارك: عن أبي أميه اللّخمي، أو قال: الجمحي، والصواب هو الجمحي، هذا قول ابن صاعد". اهـ.
الثاني: في الزهد لابن المبارك، وكذا عند ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" عقب هذا الحديث: "قال نعيم -وهو ابن حماد-: قيل لابن المبارك: من الأصاغر. قال: الذين يقولون برأيهم. فأمّا صغير يروي عن كبير، فليس بصغير".
قلت: كذا ورد النّص في هذا المكان في الكتابين.
لكن أخرج ابن المبارك في زهده (٨١٥) نحو هذا الحديث عن ابن مسعود موقوفًا، وعقبه أيضًا قال نعيم: أخبرنا ابن المبارك: "أتاهم العلم من قبل أصاغرهم يعني أهل البدع، فأما أن يروي كبير عن صغير فلا".
ونعيم هو: ابن حماد راوية كتاب الزهد لابن المبارك.
وفي مصنف عبد الرزاق (١١/ ٢٤٦) من طريق سعيد بن وهب، قال: سمعت ابن مسعود يقول: "لا يزال النّاس صالحين ومتماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا".
قال ابن عبد البر: "إنّ الكبير هو العالم في أيّ سنٍّ كان، والجاهل صغير وإن كان شيخًا, والعالم كبير وإن كان حدثًا.
تعلّمْ فليس المرءُ يولد عالمًا ... وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإنّ كبير القوم لا علم عنده ... صغير إذا التفت إليه المحافل".