وفيه عمرو بن مالك وهو: النُكري الراوي عن أبي الجوزاء ذكره ابن حبان في الثقات (٧/ ٢٢٨) وقال: "يعتبر حديثُه من غير رواية ابنه عنه، يخطئ ويغرب".
قلت: وهو كما قال، فإنه أخطأ فيه، لأن غيره يرويه عن أبي الجوزاء موقوفًا، قال أبو داود: "رواه المستمر بن الريان، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو موقوفًا، ورواه رَوح بن المسيب وجعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النُكري، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قوله، وقال في حديث روح فقال: حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -"، انتهى.
وهذا كله من أوهام النكري، والمستمر بن الريان الأيادي من رجال مسلم وهو أوثق من النُكري، فلا تُقبل مخالفته له، ولذا وصفه الحافظ في التقريب بأنه "صدوق له أوهام". ووصف المستمر بن الريان بأنه "ثقة عابد".
ولكن ذكر البيهقي (٣/ ٥٢) فقال: رواه أبو جناب عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا غير أنه جعل التسبيح خمس عشرة مرة قبل القراءة وجعل ما بعد السجدة الثانية بعد القراءة.
قلت: أبو جناب هو: يحيى بن أبي حية ضعيف مدلس. قال الحافظ في التقريب: "ضعَّفوه لكثرة تدليسه" فلا تُقبل متابعته.
وفي الباب أحاديث أخرى لا يسلم منها شيء كما قال الترمذي وغيره، وعلى فرض صحة إسناد بعض هذه الأحاديث ففيها نكارة لاختلاف هيئتها كما قال الحافظ بن حجر وغيره.
وقد كثر الكلام في صلاة التسبيح فذهب أكثر المحققين إلى أنها بدعة، لم يثبت قولًا ولا فعلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عنِ الخلفاء الراشدين، ولا عن أحدٍ من الصحابة والتابعين، وإنما صلى بها بعض أتابع التابعين كما ذكره الحاكم (١/ ٣٢٩) منهم عبد الله بن المبارك كما ذكره البيهقي في "شعب الإيمان" وقال: "وتداولها الصالحون بعضهم عن بعض، وفيه تقوية للحديث المرفوع".
قلت: كذا قال رحمه الله تعالى. وفيه نظر، فإن عمل الصالحين لا يُقَوِّي الحديثَ الضعيفَ ولا يَشْرَعُ شيئًا جديدًا في الدين، والله المستعان، انظر للمزيد: "المنة الكبرى" (٢/ ٤٢١).
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالي عن حديث صلاة التسبيح، فقال: "والصواب أنه ليس بصحيح؛ لأنه شاذ، ومنكر المتن، ومخالف للأحاديث الصحيحة المعروفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة النافلة، الصلاة التي شرعها الله لعباده في ركوعها وسجودها وغير ذلك؛ ولهذا الصواب: قول من قال بعدم صحته لما ذكرنا؛ ولأنّ أسانيدها كلها ضعيفة" "مجموع فتاويه" (١١/ ٤٢٦).
[٧ - باب صلاة الرغائب]
لم يثبت في صلاة الرغائب شيء، وأمَّا ما رُوي عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر صلاة الرغائب -وهي أول ليلة جمعة من رجب- فصلي ما بين المغرب