تفرقوا للعشاء وقضاء الحاجات وغيرها، ففي هذه الحال لا بد من أذان جديد ليجتمع الناس، ثم يقيم ويصلي.
ففي هذه الصورة أداء الصلاتين بأذانين وإقامتين أولي من أدائهما بأذان وإقامتين.
وروي مثل هذا من فعل عمر بن الخطاب كما أخرجه الطحاوي بإسناد صحيح، وبهذا قال مالك رحمه الله.
وروى ابن عبد البر عن أحمد بن خالد أنه كان يتعجّب من مالك حيث أخذ بحديث ابن مسعود، وهو من رواية الكوفيين مع كونه موقوفًا، ويترك ما روي عن أهل المدينة وهو مرفوع.
قال ابن عبد البر: "وأعجب أنا من الكوفيين حيث أخذوا بما رواه أهل المدينة، وهو أن يجمع بينهما بأذان وإقامة واحدة، وتركوا ما رووا في ذلك عن ابن مسعود مع أنهم لا يعدلون به أحدًا" انظر الفتح (٣/ ٥٢٥).
وأمّا التنقّل بعد المغرب أو بعد العشاء فلم يرد في ذلك شيء مرفوع، بل ثبت في الصّحيح أنه لم يسبِّح بينهما، وإنّما ثبت ذلك من فعل بعض الصّحابة.
وأما صلاة الوتر فلم يرد أيضًا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه أوتر في هذه الليلة لا في حديث جابر ولا في حديث غيره الذين وصفوا حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولكن لو صلى أحدٌ الوتر في هذه الليلة على أصل ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه ما كان يترك الوتر في سفر أو حضر لجاز، وبه يقول سماحة الشيخ ابن باز. راجع فتاويه (١٧/ ٢٨٢ - ٢٨٣).
[٩٣ - باب صلاة الصبح بوم النحر بالمزدلفة]
• عن ابن مسعود قال: ما رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلّى صلاةً بغير ميقاتها إلّا صلاتين: جمع بين المغرب والعشاء، وصلّى الفجر قبل ميقاتها.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٦٨٢)، ومسلم في الحج (١٢٨٩) كلاهما من طريق الأعمش، حدثني عمارة (هو ابن عمير التيميّ)، عن عبد الرحمن بن يزيد (النخعي)، عن عبد الله، فذكره، ولفظهما متقارب.
ورواه البخاريّ أيضًا مطوّلًا (١٦٨٣) من طريق أبي إسحاق السبيعيّ، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعيّ، قال: خرجنا مع عبد الله رضي الله عنه إلى مكة ثم قدمنا جَمْعًا، فصلّي الصّلاتين كلَّ صلاةٍ وحدها بأذان وإقامة، والعشاء بينهما ثم صلّى الفجر حين طلع الفجر. قائل يقول: طلع الفجر، وقائل يقول: لم يطلع الفجر، ثم قال: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ هاتين الصّلاتين حُوِّلتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب والعشاء". فلا يقدم الناس جمعًا حتى يعتموا وصلاة الفجر هذه الساعة".
ثم وقف حتى أسفر ثم قال: لو أن أمير المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة. فما أدري أقوله كان