قال فيه: "حين قدم الشامَ".
قال النووي: "هكذا هو في جميع نسخ مسلم، وكذا نقله القاضي عياض عن جميع الروايات لصحيح مسلم. قال: وقيل إنه وهم، وصوابه: قدم من الشام كما جاء في صحيح البخاري، لأنهم خرجوا من البصرة للقائه حين قدم من الشام.
وقال: رواية مسلم صحيحة، ومعناه: تلقيناه في رجوعه حين قدم الشام، وإنَّما حذف ذكر رجوعه للعلم به. انتهى.
لم يبيِّن في هذه الرواية كيفية صلاة أنس، وذكره مالك في قصر الصلاة (٢٦) عن يحيى بن سعيد قال: رأيتُ أنس بن مالك في السفر وهو يُصَلِّي على حمار، وهو متوجِّه إلى غير القبلة، يركع ويسجد إيماءً من غير أن يضع وجْهَه على شيء.
• عن أنس بن مالك أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سافر، فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكَّبر، ثم صلَّى حيث وجَّهه رِكابُه.
حسن: رواه أبو داود (١٢٢٥) عن مسدَّد، حدثنا رِبْعيُّ بن عبد الله بن الجارود، حدثني عمرو بن أبي الحجاج، حدثني الجارود بن أبي سبرة، حدثني أنس بن مالك فذكره.
قال المنذري: إسناده حسن.
قلت: وهو كما قال فإنَّ رِبعي بن عبد الله بن الجارود، وشيخُ شيخه (جده الجارود بن أبي سبرة) صدوقان.
وأخرجه أيضًا الإمام أحمد (١٣١٠٩) عن يزيد بن هارون، قال: أخبرنا ربعي بن الجارود بن أبي سبرة التميمي به مثله.
فنسب رِبعي إلى جده، وهو: ابن عبد الله. إلَّا أنَّ هذا الحديث يخالف سائر الأحاديث السابقة، إذ أنَّه قيد باستقبال ناقته القبلة عند التكبير، والأحاديث السابقة أطلقت أنَّه كان يصلِّي عليها قِبَلَ أيِّ جهة توجَّهت به.
وهذا الاعتراض أبداه أيضًا الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (١/ ٤٧٦).
ويجاب على هذا بأنَّ المرَّات التي لمَّا كبَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - كان متوجهًا إلى القبلة لأجل السفر، لا لأجل الصلاة. فظن أنس أنه لم يكبِّر حتَّى استقبل بناقته القبلة، ولما كبَّر في مرَّات أخرى قِبل أي جهة توجَّهت به ناقُته لم يكن أنس موجودًا في تلك الأسفار. - والله تعالى أعلم -.
[١٤ - باب أن السجدتين من المتنفل على الراحلة تكون في الإيماء أخفض من الركوع]
• عن جابر بن عبد الله قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة، قال: فجئتُ وهو