١٧ - باب قوله: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (٨٦) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٨٧)}
قوله: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ} قد يكون الضمير يعود إلى نوح؛ لأنه أقرب المذكورين، ولا إشكال في أن الناس كلهم من ذرية نوح.
وقد يعود إلى إبراهيم؛ لأن سياق الكلام يدل على ذلك. ولكن يشكل على ذلك أمران.
أحدهما: {وَلُوطًا} قوله: ولوط عليه السلام ليس من ذرية إبراهيم، وإنما هو لوط بن هاران أخي إبراهيم. (التكوين: ٢٧: ١١).
فيقال: إنه دخل تغليبا كما في قوله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [سورة البقرة: ١٢٢].
فإسماعيل عمه، ودخل في آبائه تغليبا.
والثاني: ذكر عيسى في ذرية إبراهيم؛ لأنه ولد من مريم بدون أب.
ويجاب بأن ولد البنات من ذرية الرجال، كقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للحسن بن علي: "إنّ ابني هذا سيد، ولعل اللَّه أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين". رواه البخاريّ (٢٧٠٤) عن أبي بكرة.
وأم عيسى كانت من نسل داود، وهو من ذرية إبراهيم.
١٨ - باب قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (٩٠)}
• عن مجاهد أنه سأل ابن عباس: أفي ص سجدة؟ فقال: نعم، ثم تلا: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} إلى قوله {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [سورة الأنعام: ٨٤ - ٩٠] ثم قال: هو منهم.
صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٦٣٢) عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام، أن ابن جريج أخبرهم قال: أخبرني سليمان الأحول، عن مجاهد فذكره.
ثم قال البخاريّ: زاد يزيد بن هارون ومحمد بن عبيد وسهل بن يوسف، عن العوام، عن مجاهد، قلت لابن عباس، فقال: "نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم- ممن أُمِرَ أن يقتدِيَ بهم".