للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على جمهور الصّحابة ثم التّابعين ومن بعدهم، فإنّ عمر بن الخطاب لما خطب الناس بعرفات وبين لهم سنن الحج وأحكامه وقال فيه: "إذا حلفتم ورميتم فقد حلّ لكم كلّ شيء إلّا النّساء والطّيب" ردّت عليه عائشة وقالت: كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رمي جمرة العقبة قبل أن يفيض. فسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحقّ أن يؤخذ من سنة عمر" فهي ردت عليه بمنع الطّيب فقط، ولم تذكر إذا لم يطف إلى المساء فيعود كما كان. وذلك على جمع من الصّحابة فصار شبه الإجماع؛ ولذا حكم عليه كثير من أهل العلم بالشّذوذ والنكارة.

وقد قال محبّ الطبريّ في "القرى" (ص ٤٧٢) بعد أن بوّب بهذا الحديث: "وهذا حكم لا أعلم أحدًا قال به" فهو ينقل عن الأمّة الإسلامية إلى عهده بأنّ الحكم لم يعمل به، وبالتالي إن نقل عن أحد أنه قال به، ففي ثبوته عنه نظر.

وعلى فرض صحته يمكن حمله على حالهم التي كانوا عليها كما في رواية الطّحاويّ، وكانوا تطيّبوا ولبسوا الثياب وهو أدعى إلى الجماع، وقد حان الليل، فخاف أن يجني على إحرامه قبل طواف الفريضة، فكان أمره - صلى الله عليه وسلم - لهم بالعودة إلى الإحرام من باب سدّ الذّرائع، كما ذهب مالك إلى عدم استعمال الطيب قبل الطواف للسبب نفسه، أو يكون ذلك الأمر لمجرد التشديد لهم في تأخير الطواف، فإن هؤلاء لقربهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أليق لهم المسارعة إلى أدائه في الوقت المستحب وهو قبل الليل، وعلى هذا فهو خاص لهما دون سائر الناس. وبالله التوفيق.

ومن نسي أن يفيض حتى رجع إلى بلاده فهو حرام حين يذكر حتى يرجع إلى البيت فيطوف به، فإن أصاب النساء أهدي بدنة. قال به الفقهاء الذين ينتهي إلى قولهم من أهل المدينة. أخرجه البيهقيّ (٥/ ١٤٦) بإسناده عن أبي الزّناد، عن الفقهاء.

١٢١ - باب ترك الرّمل في طواف الزّيارة

• عن ابن عباس، أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في السّبع الذي أفاض فيه.

صحيح: رواه أبو داود (٢٠٠١)، وابن ماجه (٣٠٦٠)، وابن خزيمة في صحيحه (٢٩٤٣)، والحاكم (١/ ٤٧٥)، والبيهقيّ (٥/ ٨٤) كلّهم من حديث ابن وهب، أخبرني ابن جريج، عن عطاء ابن أبي رباح، عن عباس، فذكره.

وقال عطاء: لا رمل فيه. وإسناده صحيح.

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".

وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، حدّثنا إبراهيم بن عرعرة، عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، قال: "إذا قالتُ: قال عطاء، فأنا سمعته منه، وإن لم أقل سمعت".

ويفهم من قول ابن عمر كما جاء في الصحيحين: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خبَّ ثلاثًا ومشى أربعًا، وكان ابن عمر يفعله.

<<  <  ج: ص:  >  >>