معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا.
هذا كله معنى قول مجاهد والضحاك كما قال البغوي في تفسيره (٣/ ٥١٨).
٣ - باب قوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦)}
قوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} المضاجع جمع مضجع وهو الذي يضطجع عليه يعني الفراش.
وأشهر أقوال أهل العلم أن المراد منه صلاة الليل كما جاء في الحديث:
• عن معاذ بن جبل، قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فأصبحتُ يوما قريبا منه ونحن نسيرُ، فقلت: يا رسولَ الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنّة، ويباعدني من النار. قال: "لقد سألتني عن عظيم، وإنّه ليسيرٌ على من يسّره الله عليه؛ تعبد الله ولا تشركُ به شيئًا، وتقيم الصّلاة، وتُؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت". ثم قال: "ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصّومُ جُنّة، والصدقةُ تُطفئ الخطيئةَ كما يطفئ الماءُ النّارَ، وصلاةُ الرّجل من جوف الليل" قال: ثم تلا {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} حتى بلغ {يَعْمَلُونَ} ... الحديث.
حسن: رواه الترمذي (٢٦١٦) واللّفظ له، وابن ماجه (٣٩٧٣) كلهم من طريق معمر، عن عاصم بن أبي النّجود، عن أبي وائل، عن معاذ بن جبل، فذكر الحديث.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وإسناده حسن من أجل الكلام في عاصم بن أبي النجود فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
• عن أبي أمامة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة للإثم".
حسن: رواه الترمذي (٣٥٤٩)، وابن خزيمة (١١٣٥)، والحاكم (١/ ٣٠٨)، كلهم من حديث عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي أمامة فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الله بن صالح وهو كاتب الليث فإنه حسن الحديث إذا لم يخطئ. والكلام عليه مبسوط في صلاة التهجد.
• عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عجب ربنا عز وجل من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه، من بين أهله وحبّه إلى صلاته، فيقول ربنا: أيا ملائكتي، انظروا إلى عبدي، ثار من فراشه ووطائه، ومن بين حبه وأهله إلى صلاته،