ولكن النسائي نفسه رجَّح المرفوع، فإنه صحَّح أولا إسناد سعيد بن أبي عروبة، ثم ذكر له موافقته لعمر بن إبراهيم على رفعه، ولكن الحسن بدلا من سعيد بن المسيب.
وقد وجدنا أن عمر بن إبراهيم هذا روى عن قتادة، عن سعيد بن المسيب عند الحاكم. وعمر ابن إبراهيم هذا وثّقه أحمد بن حنبل وابن معين، وقال عبد الصمد بن عبد الوارث: ثقة وفوق الثقة. فوجب قول زيادتهما، والحكم لحديثهما.
[١٠ - باب رعاية المرأة لزوجها وولدها]
• عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"خير نساء رَكبْن الإبل صالحو نساء قريش، أحناه على ولدٍ في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده".
متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (٥٠٨٢) ومسلم في فضائل الصحابة (٢٠٠: ٢٥٢٧) كلاهما من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره، واللفظ للبخاري.
• عن أسماء بنت أبي بكر قالت: تزوجني الزبير وماله في الأرض من مالٍ ولا مملوك، ولا شيء غير ناضح وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء، وأخرز غرَبه وأَعجن، ولم أكن أحسن أَخْبز، وكان يخبِزُ جارات لي من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ، فجئت يوما والنوى على رأسي، فلقيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ثم قال:"إخ إخ"، ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، وكان أغيرَ الناس، فعرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إني قد استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب، فاستحييت منه وعرفت غيرتك، فقال: واللَّه لحملك النوى على رأسك كان أشد عليّ من ركوبك معه. قالت: حتى أرسل إليّ أبو بكر بعد ذلك بخادم يكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقتني.
متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (٥٢٢٤)، ومسلم في السلام (٢١٨٢) كلاهما من حديث أبي أسامة، حدثنا هشام، قال: أخبرني أبي، عن أسماء بنت أبي بكر رضي اللَّه عنهما، فذكرته.
فقه الحديث: قال ابن حجر: واستدل بهذه القصة على أن على المرأة القيام بجميع ما يحتاج إليه زوجها من الخدمة، وإليه ذهب أبو ثور.
وحمله الباقون على أنها تطوّعت بذلك ولم يكن لازمًا.