قوله: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} أي: أماراتها وعلاماتها الدالة على قربها، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمارات الساعة وأشراطها، ومن ذلك بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
• عن سهل بن سعد قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بأصبعيه هكذا بالوسطى والتي تلي الإبهام: "بُعِثْتُ والساعة كهاتين".
متفق عليه. رواه البخاري في التفسير (٤٩٣٦)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٥٠) كلاهما من طرق عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، فذكره.
وقوله: {فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} أي: من أين لهم إذا جاءتهم الساعة أن يتذكروا؟ فقد فات أوانه وذهب وقته، وهذا مثل قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} [الفجر: ٢٣] فإيمانهم وتذكرهم واستعتابهم لا ينفعهم في ذلك اليوم البتة.
٧ - باب قوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (١٩)}
إن الله عز وجل أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالاستغفار، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستغفر كثيرا، مع أنه مغفور له، كما قال تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢]، وفي ذلك حث للأمة على كثرة الاستغفار والمداومة عليه.
• عن عبد الله بن سرجس قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأكلت معه خبزا ولحما - أو قال: ثريدا - قال: فقلت له: أستغفر لك النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم ولك، ثم تلا هذه الآية: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} قال: ثم درت خلفه، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه ... الحديث.
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٤٦) من طرق عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس، قال: فذكره.
• عن أبي موسى الأشعري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو بهذا الدعاء: "رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله، وما أنت أعلم به مني، اللهم! اغفر لي خطاياي، وعمدي، وجهلي، وهزلي، وكل ذلك عندي، اللهم! اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم، وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير".
متفق عليه: رواه البخاري في الدعوات (٦٣٩٨) ومسلم في الذكر والدعاء (٢٧١٩) كلاهما عن محمد بن بشار، حدثنا عبد الملك بن الصبَّاح الْمِسْمَعِي، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، فذكره. واللفظ للبخاري، ولم يسق مسلم لفظه بهذا