للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الحديث مما قال به أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وغيرهم أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم من كتابته، وهو قول سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، كما قال الترمذي.

ونقل البيهقي عن الشافعي في القديم: "ولم أعلم أحدا روى هذا الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا عمرو بن شعيب، وعلى هذا فتيا المفتين".

قلت: وبه قال أحمد، ومالك، والشافعي في القديم، ثم رجع إلى أن بيعه غير جائز، وهو قول أبي حنيفة. انظر للمزيد "المنة الكبرى" (٩/ ٣٣٤).

وأما ما روي عن أم سلمة أنها أخبرت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إذا كان لإحداكن مكاتب، وكان عنده ما يؤدي، فلتحتجب منه".

ففيه رجل مقبول لم يتابع.

رواه أبو داود (٣٩٢٨)، والترمذي (١٢٦١)، وابن ماجه (٢٥٢٠)، وأحمد (٢٦٢٧٣)، وصحّحه ابن حبان (٤٣٢٢)، والحاكم (٢/ ٢١٩) كلهم من طرف عن الزهري، عن نبهان مولى أم سلمة، عن أم سلمة فذكرته.

وقال الترمذي: "حسن صحيح".

وقال الحاكم: "صحيح الإسناد".

والصحيح أن فيه نبهان مولى أم سلمة، لم يوثقه غير ابن حبان، وأخرج حديثه في صحيحه، فهو مجهول عند جمهور أهل الحديث.

وفي الحديث قصة، وهي أن نبهان قال: إن أم سلمة كاتبته، فبقي من كتابته ألفا درهم. قال نبهان: كنت أمسكها؛ لكي لا تحتجب عني أم سلمة. قال: فحججت، فرأيتها بالبيداء، فقالت لي: من ذا؟ فقلت: أنا أبو يحيى. فقالت لي: أي بني، تدعو إلى ابن أخي محمد بن عبد اللَّه بن أبي أمية، وتعطي في نكاحه الذي لي عليك، وأنا أقرأ عليك السلام. قال: فبكيت، وصِحتُ، وقلت: واللَّه لا أدفعها إليه أبدا. فقالت: أي بني، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا كان عند مكاتب إحداكن ما يقضي عنه فاحتجي" فواللَّه، لا تراني إلا أن تراني في الآخرة.

والصحيح أن أمهات المؤمنين لم يكن يحتجبن من المكاتب؛ فإنه في حكم المملوك. ذكر البيهقي (١٠/ ٣٢٤) أن سليمان بن يسار استأذن على عائشة، فقالت: من هذا؟ فقلت: سليمان. قالت: كم بقي عليك من مكاتبتك؟ قال: قلت: عشر أواق. قالت: ادخل؛ فإنك عبد ما بقي عليك درهم.

وكذلك ذكر قصة سالم سبلان مولى النصريين.

١٠ - باب قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}

روى عبد الرزاق (٨/ ٣٧٥) عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء بن السائب أن عبد اللَّه بن حبيب

<<  <  ج: ص:  >  >>