١٢ - باب تقصير النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في عمرته من الجعرانة
• عن معاوية، قال: قصَّرتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقص.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (١٧٣٠) عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاوس، عن ابن عباس، عن معاوية، فذكره.
ورواه مسلم في الحج (١٢٤٦: ٢١٠) من وجه آخر عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج بإسناده، وفيه: "قصَّرتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقص وهو على المروة، أو رأيته يُقصَّر عنه بمشقص وهو على المروة" هكذا بالشّك.
ورواه البيهقيّ (٥/ ١٠٢) من وجه آخر عن روح، قال: أخبرني ابن جريج، بإسناده وزاد فيه: "في عمرته على المروة".
فالظّاهر من هذا أن هذا التقصير كان في عمرته - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانةَ؛ لأنه ثبت بالتواتر أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يحل من حجّه إلا بعد أن نحر بمنى، ومعاوية رضي الله عنه إنّما أسلم يوم الفتح مع أبيه، فلا يتصور منه التقصير لا في عمرة الحديبية ولا في عمرة القضية، فلم يبق إلا الجعرانة. هذا الذي رجّحه الحافظ ابن القيم في "زاد المعاد".
وأخطأ بعض الرواة فزادوا في حديثهم: "لحجّته".
هكذا رواه أبو داود (١٨٠٣) عن الحسن بن علي، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس.
والحسن تفرّد بهذه الزيادة وإلا فقد رواه أيضًا أبو داود عن اثنين من شيوخه وهما مخلد بن خالد، ومحمد بن يحيي، كلاهما عن عبد الرزاق.
وكذا النسائي (٢٩٨٨) عن محمد بن يحيى بن عبد الله، فلم يذكرا هذه الزيادة.
فالوهم من الحسن بن علي وهو الحلوانيّ صاحب تصانيف، فلعله من سبق القلم منه في قوله: "لحجته" فإن أحدًا لم يتابعه على ذلك.
وأَوَّلَه المنذري فقال: "تسمى العمرة حجًّا؛ لأنّ معناها القصد. وقد قالت حفصة رضي الله عنه: "ما بال الناس حلّوا ولم تحلل أنت من عمرتك" قيل: إنما تعني من حجّتك" انتهى.
قلت: ليس الأمر كما قال المنذري، فإن سؤال حفصة رضي الله عنها كان في محله عن عمرته بعد الطواف والسعي بين الصفا والمروة لا عن حجّته.
وأما ما رواه النسائي (٢٩٨٩)، والإمام أحمد (١٦٨٣٦) كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن معاوية، قال: "أخذت من أطراف شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقص كان معي بعد ما طاف بالبيت وبالصفا والمروة في أيام العشر" ففيه وهم صريح.