وقوله:"لا تخمروا رأسه" أي لا تُغطوه، وعلل كل ذلك لأنه يبعث يوم القيامة ملبيًا. فدل أن سبب النهي أنه كان محرمًا، فإذا انتفتِ العلةُ انتفى.
قال أبو داود (٣٢٣٨): "سمعت أحمد بن حنبل يقول: "في هذا الحديث خمس سنن: "كفِّنوه في ثوبيه" أي يكفن الميت في ثوبين. "واغسلوه بماء وسدر" أي: إن في الغسلات كلها سدرًا. "ولا تُخمروا رأسه"، ولا تقربوه طِيبًا، وكان الكفنُ من جميع المال".
١٨ - باب تكفين عبد الله بن أُبي في قميص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
• عن جابر بن عبد الله قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قبر عبد الله بن أبيّ بعد ما دُفن، فأخرجه فنفث فيه من ريقه، وأَلْبسه قميصَه.
وفي رواية: فوضعه على ركبتيه.
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٧٠)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٧٧٣) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن عمرو (هو ابن دينار) سمع جابرًا يقول: فذكره.
قوله: "بعد ما دُفن" أي دُلّي في حفرته، وكان أهل عبد الله بن أبيّ خشوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - المشقة في حضوره، فبادروا إلى تجهيزه قبل وصول النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما وصل وجدهم قد دلوه في حفرته، فأمر بإخراجه إنجازًا لوعده في تكفينه في القميص والصلاة عليه. كذا في "الفتح" (٣/ ١٣٩).
• عن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن أبيّ لما توفي جاء ابنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أعطني قميصك أُكفِّنه فيه، وصلِّ عليه، واستغفر له، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه فقال: "آذني أصلي عليه". فآذنه: فلما أراد أن يُصلي عليه جذبه عمر -رضي الله عنه- فقال: أليس الله قد نهاك أن تصلي على المنافقين؟ فقال: أنا بين خيرَتين قال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[التوبة: ٨٠] فصلى عليه، فنزلت:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}[التوبة: ٨٤].
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٦٩)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٧٧٤) كلاهما من حديث يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر فذكره. قال مسلم: وزاد: فترك الصلاة عليهم.
• عن أسامة بن زيد قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعود عبد الله بن أبيّ في مرضه الذي مات فيه، فلما دخل عليه عرف فيه الموت قال: "قد كنتُ أنهاك عن حب يهود" قال: فقد أبغضهم أسعدُ بن زُرارة فمه؟ . فلما مات أتاه ابنه فقال: يا رسول الله! إن عبد الله بن أبي قد مات، فأعطني قميصك أُكفّنه فيه. فنزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصه